في الإمارات، يبدو المشهد الحضاري مثل مركب على ظهر موجة، مثل جواد يثب باتجاه الشروق، مثل شجرة تغرف معين السخاء لتروي نجمة في السماء، مثل غيمة تسبح في فضاء الحرية لتهب الأرض سقيا السعادة. هكذا هي الإمارات تمر على عصر التنوير كقنديل مضاء بفلسفة النبلاء ومعرفة النجباء، وقوة الإرادة وصرامة العزيمة، وبقيادة رجل وهب نفسه لاستدعاء الإبداع من خضم التجارب والخبرات ومعارف السابقين واللاحقين، عندما يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن الإمارات منارة للعمل الإنساني، فإنه ينطلق من وعي بالمرحلة، ومن سعي إلى شحذ القدرات والإمكانات المختزنة في ضمير شعب عرف الخير، فمد خيوطه لتكون أهداباً تظلل عيون الذين سكنتهم الحاجة، فأصبحوا بين يدي الكرماء معززين، مقدرين، مبجلين، رافعين أشرعة السفر إلى مناطق البهجة والسرور، في خلوة الخير تجذرت شجرة الحلم الجميل، وتفرعت حتى طالت الأعنان بأشواق الذين يعشقون الحياة، ويلونونها بسحائب العطاء والتآلف والتكاتف والانحياز دوماً نحو سعادة الإنسان ورفاهيته وثرائه المعنوي والمادي، في خلوة الخير، تفتح الأيام نوافذها الأمطار تعشب وتخصب وتبلل ريق الأرض بقطر واخضرار وشجر وتمنح الحياة مزيداً من ازدهار وثمر، وترسم الابتسامة على وجوه الناس، تمنحهم أحلى الصور، وهذا الوطن سماء مفتوحة على العطاء مادامت الحياة بنيت على الحب وصفاء القلب والفكر. في خلوة الخير، الطيور تحدق بعيون صافية وتطوق الخيرين بأجنحة الفرح والنجوم بوارق تضيء الطريق لتستمر القافلة في الوفاء والسهر على نبضات وومضات وغمضات محيية الذين يحتفلون بالإنسان، ويحتفون بأيامه وأحلامه، ويذهبون به إلى حيث تمكن الطمأنينة، وتمتلئ آبار الصحراء بالخير الوفير. في خلوة الخير، اجتمع الخيرون والتأمت القلوب على مسيرة مظفرة، مؤزرة بأحلام لا تطفأ مصابيحها وأيام لا تخبئ مشاعرها، بل إن في الضمير الإماراتي تتحرك الأمواج من أجل بياض أكثر، من أجل نمو أكثر، من أجل المضي إلى المستقبل بكتاب مفتوح مشروع، لا غموض فيه ولا رضوض، إنه كتاب الإنسان لكل الأزمان، منقوح بقواعد لا تقبل الهنات ولا الزلات، بل إنه كتاب الحياة، كتاب الانفتاح على الآخر بصيحة العقل وفصاحة اللسان وحصافة الفكرة المبجلة التي تقود إلى عالم معافى مشافى من العوز. هذه هي الإمارات مزدهرة بالمبادرات، زاهية بالمثابرات، مبهرة في إبداعاتها، مذهلة في جديدها المتجدد، المتمدد، بامتداد أفق القيم السامية، والعادات المتوارثة التي حفرت في الذاكرة نقوش الفخر والاعتزاز بإنسان جبل على فعل الخير حتى صار الخير جزءاً من نسيجه، وكلاً في دمائه، ومكتملاً بوجوده.