لا أعتقد أن أحداً غير النساء اكتشف مسألة خمسة وخميسة، وكف مريم، وعين وصابتني، وعين ما صلّت على النبي، وعين الحسود فيها عود، ونضلوني، وحسدني ولا غبطني.. وغيرها من تلك الأمور التي تنم في غالبها عن جهل حقيقي، وموروث متحكم في ديناميكية تفكير بعضنا، وخاصة النساء اللائي يخفن من العين، ويؤكدن أن العين حق، لذا يتحوطن بكل شيء، ويتمسكن بأهداب العنكبوت إن لزم الأمر لطرد فأل الشؤم، وعين الحاسد، وهنا يمكن أن يدخل الدجل والدجالون، والمشعوذون، والنصابون، غير أن المرأة لا تبالي، المهم أن ترتاح نفسها ولو بالضحك عليها، ويولي خوفها بالنصب مادياً ومعنوياً عليها، حتى إن هذا الخوف يظل يحاصرهن، فلا يخفين القلق تجاه عيون الأهل، وكلام الأهل، على اعتبار أن المال لا يحسده إلا أصحابه، والولد ما ينضله إلا أهله، فما عليك من كثرة الترحيب من قبل النساء بالنساء، فبعضهن يدخّن البيت قبل الزوار بـ«الشَبّة» واللبان، وبعد خروج الضيوف يدخنّه بالملح، وتظل الواحدة تبالغ، وتضاعف ما عندها أضعافاً مضاعفة، المهم أن لا تعرف الزائرات حقيقة الرقم الصحيح لئلا يحسدنها أو تظل تتمسكن، وتضعّف من حالها وأحوالها، حتى يشفقن عليها، ويهممن بالتبرع لها، أما الأولاد، فعادة ما تنزل عليهم في تلك الزيارة أمراضاً ليست فيهم، لكي تخفيهم عن الأنظار، وتكيل فيهم من الأسقام والعلل ما تعتقد أنها ستطرد العين، وتباعد الحسد، ويسلم الولد، ولأن من عادة الأولاد الركض والسقوط، والأذى الذي يساق لهم جراء تلك الشيطنة، غير أن الأم تحولها فجأة لزيارة فلانة أو كشف الأولاد على فلانة وجارتها أو أن هناك من جاء ونظر لأولادها تلك النظرة التي تسقط الطير من السماء، تظل المرأة توسوس بعيداً عن فكر وتفكير الزوج إذا ما كحت شيخة أو عطس رشود، لا مسببات لحساسية الطقس أو تقلباته، أو هجوم بعض الأمراض الموسمية والمعتادة كل وقت من العام، فجأة تتحول من المسببات الطبيعية إلى المسببات الميتافيزيقية. لكن هل هناك شيء من الحقيقة فيما تقوله النساء، وتؤمن به، وبين الحقيقة العلمية؟ تكاد معظم شعوب العالم المتقدم تجزم أن لا علاقة للحمى التي تنفض الصبي، بالعين والحسد، وأن بكاء الصبية مساء سببه الأوجاع التي لا يفصح عنها الطفل ولا يقدر، ولا يخصه بنظرة فلانة التي لم ترتح لها الأم أو قول علانه، وهي تمتدح حسنها، دون أن تقول بسم الله، وما شاء الله أو تصلي على النبي، الغريب بالأمر أن الصدف كثيراً ما تخدم توجه المرأة في هذا الشأن، وتؤكد صدق ما تؤمن به، لتظهر،وتقول: الآن صدقتوني، ألم أقل لكم أن العين حق؟ وأن الحسد موجود، فتخرسنا الصدف، قبل أن يخرسنا قول جهينة!