«لا غزة ولا لبنان روحي فداء إيران»... «أمتنا يقظة وسئمت من السرقة».. «الموت لروحاني»... «يا رجال الشرطة اذهبوا واقبضوا على اللص»... «الموت للديكتاتور»... تلك بعض الشعارات والهتافات التي يرددها الإيرانيون منذ أيام، فالشعب الإيراني الغاضب منذ سنوات أعلن غضبه علناً أخيراً، ونزل إلى الشارع، وأصبح يصرخ بأعلى صوت، لا ترهبه تهديدات المرشد ولا أسلحة العسكر، فضيق العيش يبدو أنه لم يعد محتملاً بعد وصول نسبة التضخم إلى 20%، وبعد أن تجاوز عدد العاطلين عن العمل 20 مليوناً، بما نسبته 25% من الشعب الإيراني، وبعد أن أصبح 40 مليوناً من الشعب الإيراني تحت خط الفقر، وهذا الرقم هو نصف عدد الشعب الإيراني الذي يبلغ تعداده 80 مليوناً. تلك بعض الأرقام، أما هذا الانفجار في الشارع فهو طبيعي عندما يتم إهمال الداخل وانشغال النظام بالخارج، وعندما تذهب عائدات النفط والأموال إلى الميليشيات المقاتلة في لبنان وسوريا واليمن، ولجماعات إرهابية! فبعد سنوات الخريف، ها هو الشعب الإيراني يريد ربيعاً يعيد له وضعه، فتلك الأحداث التي صفق لها النظام الإيراني في عام 2011 وصلت إلى طهران، فأصبح للشعب الإيراني حق في أن يحلم بالأفضل. لا تتوقع الديكتاتوريات تغير الأمور، وتراهن على غفلة الشعوب، وتعتقد أن صمت الشعوب خنوع واستسلام، لكنّ لصبر الشعوب حدوداً، والشعب الإيراني يمتلك تاريخاً وحضارة وأحلاماً، أما النظام الإيراني فليس لديه غير أيديولوجيا رجعية وسلوك قمعي، ويعتقد أنه يستطيع أن يستمر على هذا النهج إلى الأبد، والحقيقة عكس ذلك، فخسائر النظام في كل مكان، وهذا أفضل وقت له للانسحاب من المناطق التي قام بتخريبها وعودته إلى داخل حدوده. وهذه المرة لن تنجح خدعة النظام القديمة بأن هناك قوى خارجية تحرك المتظاهرين وتثير الشارع الإيراني، فمطالب الشعب واضحة، وفئات الشعب التي تخرج إلى الشوارع كل يوم معروفة، وادعاءات النظام أصبحت مكشوفة، ولم يعد أمامه إلا الاستجابة لمطالب الشارع أو الرحيل. أما أكثر الأمور إثارة للسخرية، فهو سلوك قنوات «الجزيرة» و«الميادين» و«المنار» و«العالم»، وغيرها من القنوات المؤيدة للنظام الإيراني التي تجاهلت تلك المظاهرات الشعبية والربيع الإيراني، وكأنه لم يكن، وهي نفسها القنوات التي روجت للربيع العربي ولا تزال إلى اليوم تعيشه، وتتوهم أنها ستعيد إحياءه!