لا أحد ينكر قوة «السوشيال ميديا»، وتأثيرها على الرأي العام، ولكن أيضاً لا أحد يقبل أن تقاد الأمور الكبيرة بناء على رأي أهل «السوشال ميديا» الذين يتشكلون من خليط غير متجانس من الأعمار والأفكار والخلفيات والرؤى والمعرفة والعصبية والهدوء، وكل متناقضات الحياة في آن واحد. فلو أردنا مثلاً طلب تشكيلة لأي منتخب، وطرحناها على «تويتر»، سنجد بين أيدينا ألف تشكيلة وتشكيلة حسب الميول والأهواء والرغبات والقناعات التي لا تكون في غالبيتها مستندة على معرفة تخصصية وعلمية وتدريبية. وأتذكر أنني عندما استضفت النجمين علاء عبدالزهرة، وهمام طارق، قال لي علاء إنه لم «يدمر الكرة العراقية» سوى «السوشيال ميديا»، وتحديداً «الفيسبوك»، وقال إن الكثير من اللاعبين بمجرد انتهاء أية مباراة، ومهما كان المستوى الذي يقدمونه، يسارعون إلى «الفيسبوك» لمعرفة ردود الفعل، وأحياناً يكون أداؤهم ممتازاً ولكن «الفيسبوكيين» ينتقدون ويهاجمون لأسباب غير فنية، فيصاب اللاعب بإحباط، يؤثر حتى على حياته الشخصية، وكنت أعتقد أن علاء يبالغ في كلامه، ولكن تأكدت من صدقه، يوم خرج مدرب المنتخب العراقي باسم قاسم في «خليجي 23»، وهو يحمل هاتفه النقال، ويُظهر رسائل «الواتس آب» بينه وبين اللاعب جستن ميرام الذي اعتذر عن عدم المشاركة، لأن آخر مباراة له في فريقه كانت يوم 29 نوفمبر، وهو الذي يؤدي بشكل ممتاز في الدوري الأميركي. والمشكلة أن العالم كله يعرف أن «الفيفا» لا يعترف ببطولة الخليج، وبالتالي لا يمكن إجبار الأندية على تسريح اللاعبين، وأكبر دليل أن نجم عُمان وقائد منتخبها علي الحبسي لم يسمح له الهلال بالمشاركة، ولم يعترض العُمانيون، فلماذا يضطر مدرب العراق إلى إظهار رسائل «الواتس آب» ليؤكد لفئة من الناس أن اللاعبين لا يستطيعون الحضور، علماً أن كل صحف ونشرات أخبار وبرامج الرياضة في العراق ذكرت أن اللاعبين الستة لا يستطيعون الحضور، لأن أنديتهم لم تسمح لهم بذلك، ولماذا يضيع المدرب وقته وجهده وتركيزه في شرح ما لا يجب شرحه، بدلاً من التركيز على المنتخب ووضعه في البطولة؟ إرضاء الناس غاية لم ولن تدرك، وهي مقولة يعرفها كل عربي، فلماذا لا نعمل بها ونركز على عملنا وعملنا فقط، بدلاً من إرضاء الآخرين.