يحتفل العالم بعام آخر، يطل من نوافذ الزمن المبتسمة، يحفل بالبياض الثلجي الرائع، أو برونق سحر الليلة المنفرد، يتقلد البهجة صاخبة بالموسيقى الكونية المبهرة، ويطفئ الأنوار ويشعلها في برزخ الوجود، كما لو أن هناك ما يتجدد، أو هكذا يرى الحالمون أو تراه الروح الشفافة، ترى الأمنيات وتودع ما مضى على وجل، على ومض دقات القلب تصفو الأشياء بدموعها، وتفرج الستائر، لتشرق الأنوار على سجادة زمن البدء، أو تفر الحمامات البيض إلى العلو، لتبشر بما هو آت، لتقرأ كف السموات أو تستلهم منها السلام بنشوة القادم. إنها روح الأمنيات تقرأ آياتها في توليب الأزهار وفي عيون البشر، تتغنى الأرواح التي تخرج من أجسادها المعتمة، وتطفو شفافية الملاذ، يحفها الشوق برائحة البدء، ويسكنها صفو الحسن ودلالات الإبداعات السحرية، هي الذات البشرية تتوق نحو فصول الأمنيات والفرح. كانت الحياة في الماضي تقترن بالبديهيات الجميلة وبالفطرة الإنسانية، ولا تتوق لترى الزمن بمجهر اللحظة، ولا تحفل بالإشعاعات أو تخفي العتمة بالجسد، ما كان يحدث بالماضي هو أن يكتفي المرء بالمعاناة ويرضى بنبض القلب وبشيء يسير من الحياة، وبمعادلة الزمن والأقدار يبحث عن أحلامه البسيطة. هنا لم يعرف الزمن هذه البهجة التي أصبحنا نتصدر العالم بها، أولى مدن العالم، لتشع حياتنا الماضية والحاضرة دائماً بالجديد وتجدد الأفكار، وصحراؤنا تبدو أعجوبة العالم، ودفء الحياة، لذا بات ينطلق الفرح الزمني من عزفها لحن الألفة والمحبة، ومنها يحتفي العالم بالبدء ويرقص على أنغام وحيها الإبداعي والروحي، ومنها تسطر الأمنيات وتبتكر الأفكار وتغدو شعلة جاذبة.إنها نوافذ الزمن تخلع رداء الماضي وتكسو الحياة بالشفافية، وتنسج الصداقة ما بيننا وشعوب العالم، إنها رؤية تصالحية مع الزمن ومع الآخر، لا نحبذ الخلافات، ونشعل شموع الفصول على مبادئ سمات الحياة الجميلة، روافد الزمن تلتقي في بحر يشرق من ضفاف المحبة والحضارة، بالأمس انتهيت من رحلة قادماً من كندا من مسار آخر بعيد، لكن الكل يسأل عن وطننا، وعن أيقونة السحر فيه، والكل يتوق للسفر إليه، فنشعر بأننا كتبنا منظومة جميلة من الحياة المشبعة بالأمل عبر نوافذ الزمن.