هل تحب وطنك؟ إنْ كنت كذلك، فأشعل شمعة في طريق المرأة، فسوف تجدها بعد حين مثل فضاء مضاء بمصابيح الفرح والطموح، وسوف تجد وطنك مثل سماء نجومها نساء، تضيء في الليلة الظلماء أفنية الرجال، فيفتحون صفحات الأمل، ويعكفون على صياغة قلائد الحياة من صميم الواقع المبتهج الذي أنارته المرأة. المرأة المكرمة لا تقف خلف الرجل، بل هي تحاذيه كتفاً بكتف، تذهب معه إلى جبل الطموحات، هناك يقفان معاً ويطلان على الأرض، فلا يمضيان بخفة أو تقاعس، وإنما يمسدان التراب بقلبين مزدهرين بالحب، وارفين بأوراق الحلم، زاهيين بالحياة، يافعين يانعين. المرأة، عندما تكون جاهزة للعمل، مكللة بالوفاء والانتماء، نقية من شوائب ورواسب، تكون مثل النهر، تذهب إلى الأشجار، فترويها بعذوبة الشموخ والرسوخ، وتخلد المرأة هكذا مثل بحر الخليج العربي وتسود الوجود بمعرفة وعرفان، وتبسط جناح الذل لوطن لا يجف معينه ولا يكف خزينه، وطن تسير على أديمه المرأة، كما هو الرجل، وينثران بذور الحياة في نفوس الأبناء، وينشران أجنحة الطمأنينة على رؤوسهم كي لا تشظيهم شمس ولا تلظيهم حاجة ولا تعذبهم نظرة إلى سراب. المرأة التي تخرج من جلباب وطن نقشه من حبات تاريخ لا تبور بضاعته، تكون هي القلم الذي ينحت حروفه بأنات، وتؤدة، ويرسم صورة المستقبل على صفحات القمر، وتظل المرأة نظيفة، لا يشوبها غبار، ولا يقلقها سعار. المرأة التي تخرج من قشرة الوطن، مثلما هي حبة اللؤلؤ تكون ناصعة بالقيمة والقيم والقامة والمقامة وحياتها مطرزة بالسندس والإستبرق، وطريقها مفروشة بسجادة الأنفة والكبرياء. المرأة عندما تجد القيادة في مقدمة الداعمين لتطلعاتها، تصبح مثل الوردة المرتوية من ماء المكرمات، تنثر الحب في كل مكان ومن دون شروط، وتهب الوطن كل ما لديها، لأنها على قناعة بأن الوطن هو هي، وهي الوطن، وهما يذهبان إلى العالم، بقلب مفتوح وعقل يتسع لرمال الكون. المرأة، عندما يفرج عن عقالها، تكون على الأرض مهرة تنتقي العشب القشيب، فتنمو قدراتها وتنضج أفكارها وترى العالم بعين لم تغشها غاشية، وتدخل المحيط، بقارب شراعه قوة الشخصية ومجدافه الإرادة وبوصلته ثقافة موسوعية، تبعثها إلى سواء السبيل، وتضع أقدامها على أرض معشوشبة بالطمأنينة. المرأة عندما تعيش في وطن، أفعال قادته تسبق أقوالهم، والأخبار الصباحية ملونة بحروف السعادة، ولا يمر يوم إلا ومنجز جديد يشرق كالشمس، يقول للعالم، هنا الإمارات، هنا نبع العطاء، عندما يكون الوطن هكذا، فلا بد أن تزهر روح المرأة، وتتفتح أكمام قلبها، وتتفرع أغصان الشجرة لتصير بستاناً يفوح بالأريج.