قامت بلدية مدينة أبوظبي يوم الخميس الماضي بحملة كبيرة على الباعة الجائلين والمحال العشوائية في منطقة مصفح الصناعية، بالتعاون مع شرطة أبوظبي و«التنمية الاقتصادية» ومركز «تدوير»، وصادرت نحو 72 طناً من البضائع التي قامت بتدويرها، حفاظاً على البيئة والصحة والسلامة العامة والمظهر الحضاري للمدينة. وحررت أكثر من 11مخالفة للباعة الجائلين. لم تكن تلك المرة الأولى التي تقوم بها البلدية بحملة مماثلة، وفي المنطقة نفسها تقريباً، حيث تشهد ما يشبه لعبة «القط والفأر»، بين المخالفين من الباعة الجائلين وأصحاب «البسطات» العشوائية من جهة، وبين مفتشي البلدية. ففي تلك المنطقة، وتحديداً قرب القرى العمالية يحلو لبعض العمالة السائبة ممارسة تجارة غير مشروعة، وهم يجلبون مختلف أنواع البضائع من سجائر وأغدية وملابس وحتى أجهزة إلكترونية وممنوعات، ليبيعونها بأسعار زهيدة كون الغالبية العظمى من تلك السلع منتهية الصلاحية أو على وشك الانتهاء. وتستمر المطاردات والملاحقات والحملات بالصورة التي نتابعها بين الفينة والأخرى. وفي تلك المنطقة أيضاً ازدهرت وتفشت صور النقل غير المشروع بسيارات متهالكة وغير آمنة للعمالة من قبل سائقين غير مرخصين يقومون بخدمات التوصيل بسياراتهم الخاصة بين مناطق تلك الضاحية والضواحي المجاورة، وحتى إلى القلب التجاري للعاصمة، وبأسعار زهيدة هي السبب في إقبال العمال عليها غير مبالين بسلامتهم أو هوية الشخص الذي يقوم بتوصيلهم. لقد استغلت بعض وسائل الإعلام الأجنبية والمنظمات المشبوهة المتاجرة بحقوق الإنسان هذه الأسواق والتجمعات العشوائية في محاولات مسمومة منها للنيل من الصورة الزاهية للجهود التي قامت بها الدولة للارتقاء بأوضاع العمالة الوافدة في البلاد، من خلال التوسع في إقامة المدن العمالية وفق أرقى المعايير العالمية، وكذلك التشريعات الخاصة بضمان حقوقهم. الجهد الكبير الذي تقوم به البلدية والجهات المشاركة في مثل تلك الحملات جهد مقدر، ويتطلب القضاء على المخالفات المنتشرة هناك، ضرورة استمرار المتابعة والملاحقة على مدار العام، وكذلك يحتاج الأمر لمقاربات أخرى بتبني منافذ بيع للعمال في مناطق إقامتها بأسعار معقولة تناسب مداخيلهم، وكذلك زيادة تقاطر الحافلات العامة، وتشجيعهم على استخدامها بعيداً عن النقل العشوائي، وما يحمل من مخاطر على سلامتهم. ودائرة النقل أعلم بالوضع هناك. من يزر تلك المناطق في الضواحي، سواء في مصفح أو غيرها، يدرك أن الأمر يتطلب مقارنات أشمل وأوسع، وليس مجرد حملة.