خلال أربعة أشهر فقط من العام الجاري، أوقف رجال المرور في شرطة أبوظبي1837 سائقا قادوا مركباتهم بسرعات خطرة تجاوزت200 كيلومتر في الساعة على الطرق. رقم يتطلب أكثر من وقفة ومراجعة وتدقيق في هذا السلوك الخطر جدا لمهووسي ومجانين القيادة بسرعة واستهتار واستخفاف بأرواح الآخرين. ويتطلب التعامل مع أمثالهم من المتهورين وسائل وأساليب غير اعتيادية. أمثال هؤلاء يحالون في بعض الدول الأوروبية وأميركا الشمالية إلى أطباء نفسانيين لسبر أغوارهم والوقوف على أسباب جنوحهم لهذا المسلك الخطير الذي لا يختلف عما لديه ميول انتحارية. فمهما بلغت درجة مهارة السائق وثقته المفرطة بقدرات وإمكانيات المركبة التي يقودها، إلا أن الأمر لا يبرر قيادتها بهذه الطريقة ليؤذي بها نفسه وأبرياء آخرين تشاء الصدف أو حظهم العاثر أن يكونوا في طريق مهووس من مجانين السرعة التي تدفع أسرهم والمجتمع الثمن باهظاً جراء مسلكهم المتهور الخطر. لقد رصدت أجهزة المرور على مستوى الدولة كافة الإمكانيات والموارد للحد من هذا النزيف الدامي على طرقاتنا، وسخرت أحدث الأجهزة المتطورة لمراقبة السرعات على الطرق، بل تكاد من قلائل الأجهزة على مستوى العالم توظف المراقبة الجوية والطائرات المروحية لمتابعة وملاحقة مخالفي السرعات والأنظمة واللوائح المرورية. وقرنت تلك الجهود المتواصلة بحملات توعوية على مدار العام وعبر مختلف الوسائل والوسائط والمنصات، وتركز تحديدا على فئات الشباب في مدارسهم وجامعاتهم. وتمتد تلك الحملات لتشمل حتى المراحل الدراسية الدنيا بهدف غرس السلوك المروري السليم والثقافة المرورية الصحيحة لدى الصغار والنشء في مراحل مبكرة. جهد كبير ومقدر من أجهزة ودوائر تنطلق من رؤى واستراتيجيات قيادة وطن تؤمن بأن الإنسان هو أغلى ثرواتها، وبالتالي يجب الحفاظ عليه وتعزيز كل مقومات السلامة والرعاية لأجله. ولكنه يصطدم بممارسات وتصرفات هؤلاء المجانين الذين يعتقد كل منهم أنه يقود طائرة مقاتلة بمجرد جلوسه خلف مقود سيارته. الأمر الذي يتطلب التعامل معهم بمقاربات ومعالجات رادعة، خاصة حرمانهم من القيادة ومعاقبتهم إلى جانب الحجز والغرامات المالية الباهظة بالخدمة في أقسام علاج وتأهيل المعاقين جراء الحوادث المرورية. وفي الوقت الذي نحيي فيه هذا الجهد الكبير الذي تقوم به الأجهزة المرورية في مختلف إمارات الدولة، ووزارة الداخلية، لأجل سلامة الجميع نشد على أيديهم ونقف معهم لردع مجانين السرعة.