* من الأفلام العربية الجميلة والممتعة، والتي لا تزال تعرض، ولا خسارة فيها المال، ولا هي مضيعة للوقت، مثل بقية الأفلام العربية التي ينتابك الشك، والإحساس بالاستخفاف، فتقدم رجلاً تجاهها، لكن تتردد، وتؤخر عشر أقدام، فيلم «هيبتا» أو المحاضرة الأخيرة، يكسر قاعدة السيئ فيما تقدم السينما العربية، ويقدم نصّاً عالياً في جدلية العلاقة بين الأزواج أو العشاق أو العلاقات الإنسانية، ورهافة حسها، وصدق مشاعرها، نص سينمائي متماسك، وسيناريو خال من التكرار، وسماكة الملل، وحوار شائق، اعتمد على نص رواية «محمد صادق» «هيبتا» التي عدّها النقاد من قصص الرومانسية للمراهقين، وأنها لا تمثل أدباً، وهذا رأي نقدي صرف، لكن قراء الرواية كان لهم رأي مختلف، وأقبلوا عليها، وهو الأمر نفسه حدث للفيلم، حيث حقق أعلى الإيرادات، ويبدو أن الفيلم أجمل من الرواية بكثير، بعكس الأعمال الأدبية الجميلة التي تظلمها السينما كثيراً، ويتردد مؤلفوها على الموافقة لتحويلها لعمل سينمائي، «هيبتا» فيلم جماهيري، يليق بدور العرض التجاري، لكن ليس بالمقاييس الفنية الكبيرة، لتمنحه جواز سفر للمهرجانات الدولية، الأمر الذي ساعد الرواية، وارتقى بها السيناريو «وائل حمدي»، والإخراج «هادي الباجوري»، وأداء متناغم لممثلين شبان، وأداء رائع، وممتع لـ«أحمد بدير»، و«ماجد الكدواني»، و«هيبتا» هو رقم 7 باليونانية، وهو رقم مقدس، وفيه تراتبية مراحل الحب الذي يجمع بين زوجين أو محبين، تلك العلاقة ووشائجها، وأشجانها، فرحها، وصدقها، ضجرها، وتحولها للكراهية والعداوة، ثم الفقد والندم، والموت، تلك الدائرة المنسوجة بخيوط الحب، وكيف تمر بمراحلها المختلفة من شرارة اللحظة الأولى إلى التجانس والتآلف إلى التضاد والفرقة، فيلم عربي جميل ينصح به للأزواج! * «أوجاع» أيمن زيدان، قليلون من يعرفون الفنان أيمن زيدان أنه كاتب قصة، وكاتب جميل، خاصة في مجموعته الأخيرة «أوجاع» التي كتبها بألم، وحرقة، وثمة أكفان كان يركض خلفها، ولا يسعه الاستغفار لأصحابها الكثر، وطلب الرحمة أو إقامة صلاة الجنازة، أشلاء لجثث، ولحكايات لم تبدأ بعد لتنتهي فجأة، لمَ كل هذا؟ لأن شتاء دمشق الذي كان يعمّد أرواح الناس بمطره المقدس أو يرمي عباءته البيضاء أو يشعرهم برائحة الكستناء، ودفء المواقد، تحول إلى شتاء يغطي شوارع دمشق بوحل الخنادق. أيمن زيدان تصيد حالات إنسانية، بعضها كان يسبقها، بعضها يحاذي ظلها، وأخرى ينير لها طريق الأنفاق، تراوحت المجموعة القصصية بين نصوصها القصيرة جداً، وبين تلك الومضة، لحظة التجلي، والقبض على الأشياء، 25 قصة، هي أقرب للأعمال السينمائية، بعين فنان، وسارد للحكايا بأوجاعه!