أجمل أوقات الهدوء والسكينة تأتي قبل أيام قليلة من بدء شهر رمضان، سوف تقفل مدارس كثيرة أبوابها، وينعم أولياء أمور الطلبة والمدرسين والمدرسات بعد كدِّ عام كامل مليء بالعمل والواجبات والاجتماعات بالراحة، وبفرحة الوصول إلى نهاية العام الدراسي. يأتي الصيف مسرعاً، ليبعث الفرح والسرور على الرغم من الرطوبة والحرارة العاليتين، وكذلك يعلن البحر عن ابتسامته العريضة، وهدوئه الجميل، بعد أن هدأت الرياح والأمواج وطاب الماء، والسباحة المحببة. يأتي الخليج العربي وبحره بمياهه المناسبة للسباحة، وما تم إضافته على شواطئ هذه السواحل من فنادق ومنتجعات ومحطات سياحية كثيرة، لديها أنشطة بحرية متنوعة، هي قبلة لجميع الأفراد كبار وصغار ومن مختلف المجتمعات، تأتي كل هذه الوسائل فائدة ومنفعة للناس. ودائماً يظل البحر هو الواجهة الجميلة لمدن الإمارات الرائعة التي تطل على البحر، ووحده هذا الجميل الأزرق يُشدُّ إليه الرحيل والاتجاه من الجميع. بدأ موسم البحر بأروع الأنشطة البحرية وأهمها، حيث تهادت أشرعة السباقات البحرية عابرة مياه أبوظبي الجميلة، عائدة لتاريخ الآباء والأجداد، مجد ما زالت أشرعته مرفوعة أمام الريح من جزرنا العزيزة، جزيرة مروح وأخواتها الجزر الكثيرة التي بلا شك أسعدتها الزوارق (المحامل والجوالبيت) والقوارب مختلفة الأحجام ومتعددة الأنواع، التي وصلت إلى تلك الجزر قبل بداية السباق في مهرجان بحري جميل، ولعلّ أجمل منظر مفرح وبهيج، ذلك المنظر الرائع التي اختلطت فيه خلفيات البنايات الشاهقة في أبوظبي مع الأشرعة البيضاء الكبيرة، والتي تيممت نهاية السباق على شاطئ عاصمتنا الحبيبة، وفرحة البحارة بنجاح هذا السباق التاريخي والتراثي، الذي يعيد لنا ذكرى سطرت على ماء الخليج العربي، وأنشودة البحارة، وما زالت بقايا النشيد البحري مقاطعه وأهازيجه باقية عند أحفاد أهل البحر. «الظنه دوري منه وتعلقي في الصيد» ترحلون وترحل أهازيجكم خلفكم، ولكن ما زال البعض حافظاً للعهد بإعادة مجد الأشرعة وإعادة ترديد أغاني البحر ونشيده. «الهوري طبعنه أحريم السودان، حلفن ما يركبنه هذي السنة والعام». رحمة واسعة على أرواحكم أيها الأجداد والآباء البحارة، هؤلاء أحفادكم ما زالوا خلف الأشرعة البيضاء الكبيرة يعيدون للبحر الرحيل والعشق الدائم والمستمر والأبدي، وإن كان عبر السباقات البحرية الموسمية وفي فترة الرحيل إلى البحر في الصيف.