ماذا حصل للناس؟ في ظل أيام معدودات، وسنوات محسوبات، تغير حال الكثير الطيب، ولحق بحال القليل السيئ، ماذا جدّ على الناس؟ انحازوا للجانب المظلم من النفس، وتركوا الجانب المسفر، والمضيء منها، أين الخير؟ وكأنه غبار أو دخان أو سديم، ثمّ بركة غادرتنا، ولن تعود، ثمّ إحسان كان يجري بين الناس، فعاف أعمالنا، وهجر أيامنا، ولن يعود، حتى نكاد من الضيق، وما يتراءى لنا، أن نقول: لا جابر لعثرات الكرام، ولا مجيب لمستغيث، ولا من يقول في وقتنا: لبّيك.. وعونك، كنا وبلدنا خيرها كثير، لك ولغيرك، ودونك ومن حولك، يَبُدّ الغريب والقريب، ومن فضله يصل النائي والبعيد، كانت تغمرنا سحابة بارد ريحها، وعذب مطرها، ولا ندري، أهي القلوب حين تكون بيضاء، وحين تلهج من فجرها بذكر الرحمن، وإنّا لمن الشاكرين، أم أن وقتاً بعينه، لسيد بعينه، يكون له من عطر العارفين، ومسك المتجلين، ما تتناثر ريحه، وريحانه أمام الجميع، ولا فرق، كان يأتينا خير الدعاء، وفضل الصلوات، وسناء شعاع السعادة حين نوصلها لعتبة بيوت البكّائين من ضيق في الحياة، ومن إملاق، كان يومنا مختلفاً، وسماؤنا حبلى بالغيث والقطر، ولا تظهر للناس حاجة، حتى تأتي إجابتها على جناح ملك خاطف، أحياناً لا ندري من الذي يجعل كل هذه المفرحات في طريقنا، لذا كان الناس في غالبهم لهم ظن الخير، ولهم فعل المعروف، ويسعون للإحسان، هي تلك الريح السماوية الباردة مثل صبح نديّ بالياسمين، وأطيب، لا نريده أن ينتهي أو مثل غمامة من حلم نوراني سابح في الملكوت، لا نريدها أن تنقشع، كان حالنا غير.. وخير! ثمة أمر ممَّا اقترفت أيدي الناس، خلق هذا الخلل والعلل، وسحب البركة، وغاب الدرويش تسبقه عصاه، احتشر الخلق، وتكالبوا، وذهب بياض الوجوه، ونورها، وسيماء الود، لم تبق إلا عبوساً قمطريرا، ولم تَعُدّ لأيامها إلا إيماءات في الخرائب، وتمجيد أفعال إبليس، وما يلعن اللاعنون، كيف نفرط فيما يسعدنا، ويجعل النفس راضية، مرضية، مطمئنة؟ ونلهث وراء رماد الأكباد، وما تورث الأحقاد، وذلك الوجع الذي هو أشبه بحرارة الملح، ومُرّ العلقم والحنظل، ما الذي حدث للناس؟ ولِمَ غابت الإشراقة؟ لِمَ الدرهم مقدَّم على الحال؟ ولِمَ الشك قبل اليقين؟ ولِمَ المعروف مغبون؟ والخير منكور، والرزق المحتوم، كأنه معدوم، إلى أين سائرون؟ ولا أرضاً قطعنا، ولا ظهراً أبقينا، ماذا نحن فاعلون؟ والراجفة.. والراجفة، تتبعها الرادفة، وإنا إلى ربنا لمنقلبون!