ليس صحيحاً أبداً أن المشاورات اليمنية في الكويت ليس لها أي مردود حتى الآن.. بل الصحيح والمؤكد أن لها مردوداً إيجابياً ونتائج جيدة بالنسبة للانقلابيين الحوثيين والمخلوع صالح، فقد امتلكوا زمام المبادرة العسكرية على الأرض، وأعادوا حصار تعز والمدن الأخرى، وخفّ، أو انتهى تماماً الضغط الجوي عليهم من جانب قوات التحالف العربي، خصوصاً في صنعاء، وعملياً لا توجد هدنة حقيقية على الأرض اليمنية إلا من جانب الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف، والوضع الإنساني في كافة المدن اليمنية، خصوصاً في تعز، يزداد تفاقماً والمتمردون غير معنيين بالهدنة، أو توصيل المساعدات للمتضررين من الأزمة، بل إن تفاقم الوضع الإنساني إحدى أوراق الضغط التي يستخدمها المتمردون لتحقيق مكاسب سياسية وشرعنة انقلابهم على الدولة اليمنية وسرقة مؤسساتها. والانقلابيون الحوثيون ومخلوعهم صالح يسعون إلى إطالة أمد المشاورات الدائرة بالكويت، فهم ليسوا في عجلة من أمرهم، ولا يتعرضون لأي ضغوط لإنهاء المشاورات، التي لا نعرف الحكمة من أن تكون إلى ما لا نهاية، وبلا أي سقف زمني، ولا أظن أن هناك حكمة لهذا الوضع سوى إتاحة مزيد من الفرص أمام الحوثيين والمخلوع لإضاعة الوقت وبقاء الأمور باهتة يصب في مصلحة الحوثي والمخلوع، ولا يصب أبداً في مصلحة الشرعية والشعب اليمني فمع غياب الحسم واستمرار الرمادية سوف تتعرض الحكومة الشرعية اليمنية لمزيد من الضغط لتقديم تنازلات أكبر للانقلابيين، والحكومة الشرعية هي الطرف الذي يتعرض فعلا للضغط الآن من جانب المجتمع الدولي. لقد كان الحسم العسكري في اليمن على الأبواب، لكن جاءت مشاورات الكويت، التي لا تبدو لها نهاية، طوق نجاة للانقلابيين الحوثيين ومخلوعهم، فقد أتاحت لهم هذه المشاورات إعادة ترتيب أوضاعهم العسكرية، واستئناف تلقي السلاح من إيران، وتجنب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتيح للمجتمع الدولي التدخل عسكرياً ضدهم لامتناعهم عن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2166، وهناك علامات استفهام كبيرة حول جدوى هذه المشاورات وتوقيتها، وهل هي فعلاً تهدف إلى حل الأزمة اليمنية، أم إلى حل أزمة الحوثيين والمخلوع وإنقاذهم مما كان سيحدث لهم إذا استمر الخيار العسكري وحيداً في اليمن؟ هناك وضع ضبابي تستعصي قراءته ويصعب فهمه، لكنه يبقى وضعاً مريباً وغير مريح، فلأول مرة نرى مفاوضات حول قرارات دولية اتخذت بالفعل ضد طرف ما، وتحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فلا توجد قرارات دولية قابلة للتفاوض بعد اتخاذها بالفعل، لكن اللعبة الدولية على يبدو ستظل هكذا بلا قواعد ولا معايير.