تلك هي كرة القدم التي نريدها، ولطالما تحدثنا عنها، وتلك هي الروح التي كنا ننشدها، وذلك هو العطاء الذي يجعلنا غاية في الرضا والقناعة، تلك هي الخسارة عندما تصبح نصراً، تلك هي الخسارة التي لا تزيدنا إلا فخراً، لتطال بها أعناقنا السماء، فاز ريال مدريد ولم يخسر الجزيرة، فزنا بكل شيء في ذلك المساء الذي سيظل خالداً في تاريخ الكرة الإماراتية، التي أصبح بطلها حديث العالم، فاز بالاحترام والتقدير، فاز بأوسمة الإشادة والثناء، فاز باتفاق المراقبين والخبراء. لم نطلب من الجزيرة أن يخطف بطاقة التأهل إلى نهائي مونديال الأندية على حساب الريال، فكما قال الهولندي تين كات إن المعجزات لا تحدث إلا كل 100 عام، ولكن كل الذي طلبناه، بل أكثر مما طلبناه وتمنيناه شاهدناه مساء أمس الأول على استاد مدينة زايد الرياضية، عندما قدم «الفخر» ملحمة بطولية، كان فيها الجميع على قدر المسؤولية، غابت الرهبة وتحلى اللاعبون بالثقة، فكانوا رجالاً على أرض الملعب. في كرة القدم هناك لحظات فارقة، ولاعبون قد يضخون جرعات معنوية هائلة لزملائهم على أرض الملعب، هذا ما فعله علي خصيف الذي تصدى لكرات لم يكن أحد ليلومه عليها لو دخلت شباكه، وكان لاستبسال خصيف أثر معنوي كبير في نفوس زملائه، فانتقلت لهم العدوى، وخاض الجميع مباراة استثنائية ستظل عالقة في ذاكرتهم سنوات طويلة. هل كان هناك شخص في هذا العالم يتوقع مثل ذلك السيناريو المجنون، هل كان هناك من يتوقع أن الجزيرة سيتقدم على الريال، وأن خصيف ستتم مقارنته بأفضل الحراس على مستوى العالم، وأن الريال سيغادر الشوط الأول خاسراً، والجزيرة يبدأ الشوط الثاني بهدف ثانٍ تم إلغاؤه بوساطة تقنية الفيديو، وأن الريال هو الذي يتعادل مع بطل الإمارات، وأن الفخر سيحبس أنفاس جماهير مدريد لمدة 81 دقيقة، قبل أن تتنفس الصعداء بهدف جاريث بيل. كل هذه الأحداث والتقلبات التي شهدتها المباراة تناقلتها الوسائل الإخبارية والحسابات الرياضية الشهيرة، وسط حالة من الصدمة والذهول، إزاء ما قدمه بطلنا، وهو يواجه بطل الكون، كلها مكاسب حققها لاعبو الجزيرة الذين كانوا خير ممثل لكرة الإمارات في هذا المحفل الذي شاهده وتابعه ملايين البشر في مختلف القارات، كانت ليلة عمر أو ليلة فخر، وتاريخ جديد سيدون بحروف ذهبية، انتهت المباراة ولا زال للحديث بقية.