يغمرني أحساس كبير بأن أكثر ما يُبث عبر غالبية محطاتنا الفضائية لا يمتّ إلينا بصلة، بسبب سوء اختيار المواد المعروضة، وكأنما المسؤول عنها في غيبوبة عن المجتمع وقيمه وثوابته وعاداته وتقاليده أو أنه يخاطب قوماً غير من يعيشون معه في الإمارات، ولولا الأغاني الوطنية التي تُبث قبل وبعد نشرات الأخبار لما عرفت هذه المحطة المحلية عن غيرها الأجنبية. قبل ليلتين، تملكني ذهول لدرجة الصدمة من اختيار المشرف على اختيار الأفلام في قناة «دبي ون» فيلم السهرة، الذي كان عن مدرس «شاذ» في مدرسة بإحدى المدن الأميركية، ومحاولة تقديمه كمربٍ متمكنٍ من مادته وعلاقاته مع تلاميذه، وهذه «الحالة» زادنا قرفاً منها مترجم الفيلم الذي كان يترجمها كلما وردت بـ «غريب الأطوار»!!. عشرات الأسئلة التي لا تتطلب من المسؤولين عن المحطة الإجابة عنها، وإنما إحالة المشرف على اختيار الفيلم إلى التحقيق لما تسبب فيه من صدمة للعشرات من أولياء الأمور الذين ربما حاصرتهم الأسئلة حول معنى «غريب الأطوار»، الذي أصر عليه المترجم. ناهيك عن الإساءة لصورة المدرس في أذهان المشاهدين الصغار، الذين تحرص الجهات المعنية على إبراز وتقدير دوره في بناء الأجيال، وسمو المهمة التي ينهض بها. وتقتضي المناسبة دعوة هذه المحطات للتدقيق في ما يمارسه بحقنا من تجهيل وتجاوز المترجمين الأفذاذ لهذه الأفلام، فلم يعد مقبولاً أن يتعاملوا مع المشاهدين بعقلية السبعينيات من القرن الماضي، بعدما أصبحت اللغة الإنجليزية لغة تخاطب حتى في بيوتنا بعد أن فرض علينا تجار التعليم قناعاتهم بأنها يجب أن تكون لغة التدريس منذ الحلقات الأولى أو الدنيا، وذلك حتى لا يُحبطوا في الكِبر عند مواجهة الغول «ايلتس» أو نظيره «التوفل». كما أن طريقة تعاملهم هذه مع الترجمة فيها إساءة بالغة للمهنة التي تتطلب الأمانة والدقة، أما أن يمارسوا وصاية على طريقة «قدحاً من الجعة»، فلا ضرورة لها أو للمشهد برمته، وهي مشكلة لطالما تم طرحها، ومع هذا يصرون على ممارساتهم تلك، البعيدة كل البعد عن احترام الفئات المستهدفة من مشاهديهم في المقام الأول، ناهيك عن المهنية المنشودة، فالرسالة ليس ترفيهية أو مجرد تعبئة ساعات البث على مدار اليوم. نتمنى موقفاً وتدخلاً يرد الأمور إلى نصابها بعد أن فاض الكيل.