المتابع للعلاقات الإماراتية السعودية، سيدرك أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى جدة، أمس، وتوقيع اتفاقية إنشاء «مجلس التنسيق الإماراتي السعودي»، لم تأتِ من فراغ، كما أن هذا الحلم لم يكن بعيد المنال، كما أنه لن يكون مجرد قرار على الورق، فعلاقة البلدين القوية، تجعل من الطبيعي وجود وإنشاء مثل هذا المجلس الذي ستكون فائدته ونفعه ليس على البلدين فقط، وإنما على دول مجلس التعاون الخليجي، وشعوب المنطقة العربية. لقد رأى العالم خلال السنوات الماضية، خصوصاً العرب، كيف أن العمل السعودي الإماراتي قوي ومنظم ومؤثر، وشعر بأن تلك الجهود لا تهدف إلا إلى خير دول المنطقة ومستقبل شعوبها، والعنوان الكبير الذي يلمسه المتابع للعلاقة الإماراتية السعودية، هو الثقة المتبادلة والعمل من أجل خير الجميع، ففي ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي تمر بها دول المنطقة، تحملت الدولتان ومعهما بعض أشقائهما، مسؤوليات جسام، واتخذتا قرارات تاريخية في وقت كان فيه بعضهم منشغلاً بمشاكله الداخلية، وبعضهم مشككاً في نجاح أي عمل عربي، وبعضهم مكتفياً باتخاذ موقف المتفرج، لكن «عاصفة الحزم» فاجأت الجميع، فأيقظت المتشكك والمتفرج، وقطعت يد العابث، وطردت الطامع الغريب. القيادتان الحكيمتان للبلدين تأخذان الإمارات والسعودية إلى آفاق أرحب في المستقبل، فكل ما يبذله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخوه خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، يهدف إلى خير الوطن والمواطن والأمة، لذا لا يمكن النظر إلى العلاقة السعودية الإماراتية إلا كنموذج إيجابي ومشرق للعلاقات العربية-العربية، بل ونموذج لإقامة علاقة بين بلدين يسعيان لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى. وفي الوقت نفسه، يجب الشعور بالتفاؤل والثقة من تنامي العلاقة بين بلدين في منظومة إقليمية واحدة، فهذا المجلس التنسيقي بلا شك يقوي مجلس التعاون الخليجي، ويضيف له ولا يأخذ منه أو يضعفه، وهذا التقارب الكبير وضع طبيعي، ويتكرر بين أي دولتين في منظمات إقليمية أو دولية. وبلا شك، فإن التقارب بين بلدين كالإمارات والسعودية، يمتلكان اقتصاداً قوياً، وجيشين قويين، وفي الوقت نفسه يمتلكان الرؤية والطموح للمستقبل، لن يسعد المتربصين والحاقدين والحاسدين، وسيعملون على التقليل من شأن هذه العلاقة أو محاولة شق هذه العلاقة والإساءة لها، كما فعلوا خلال الأيام والأشهر والسنوات الماضية، لكن كل محاولاتهم باءت وتبوء بالفشل، لأن علاقة البلدين أعمق وأقوى وأبعد من أن تؤثر عليها إشاعات مغرضة أو أكاذيب ملفقة.