في البداية كان البرازيليون، ثم لحقهم الآخرون، ولم يكتفوا باللحاق بهم، ولكن سبقوهم، وتجاوزوهم وتركوهم في الخلف، ما بين حسرة على غياب الفن البرازيلي عن ملاعب كرة القدم، وغياب المنتخب البرازيلي عن الألقاب والمنافسة القوية، وكذلك غياب الأندية البرازيلية عن دورها الريادي في كرة القدم العالمية، والأهم هو غياب الموهبة البرازيلية التي كانت السائدة في السابق، في ظل حالة من العقم الغامض الذي أصابها وجفف منابع الموهبة فيها. منذ عرفنا كرة القدم والعالم ينقسم إلى قسمين، قسم يشجع البرازيل ويعشق المتعة الكروية القادمة من بلاد السامبا، وقسم يشجع بقية المنتخبات، لا أعلم هل أكون دقيقاً إذا قلت إنه لا يوجد دوري في العالم لا يتواجد فيه لاعب برازيلي، حتى الآن بعدما قل الإنتاج البرازيلي عن جودته السابقة لا زال البرازيليون هم المفضلين، لا زالوا السلعة الأكثر رواجاً وطلباً في أسواق كرة القدم العالمية. اليوم هناك في العين وبالتحديد استاد هزاع بن زايد أحد أرقى ملاعب كرة القدم على مستوى العالم، يدشن جريميو البرازيلي بطل كأس الليبرتادورس مشاركته في النسخة الحالية من بطولة كأس العالم للأندية، عندما يواجه باتشوكا المكسيكي في الدور نصف النهائي، وعندما تظهر السامبا في أروقة البطولة يسود الصمت، ويكتفي الناس بالمتابعة والمتعة، على أمل أن تعود تلك الأيام الخوالي، عل وعسى يعيد جريميو ذلك البريق الغائب، والمتعة المفقودة، لا زال هناك أمل أن البرازيل وأنديتها ولاعبيها سيعودون يوماً ما. للبرازيليين تاريخ حافل في هذه البطولة فمن أراضي بلاد البن كانت انطلاقتها الأولى، وتوج بطلها الأول كورينثيانز بعد فوزه على مواطنه فاسكو دي جاما في نهائي برازيلي خالص، وكذلك بطلها الثاني والثالث، قبل أن يكسر ميلان احتكار البرازيليين الذين عاودوا التتويج في نسخة 2012، ومن بعدها توقفت أندية البرازيل، فغابت أندية أميركا الجنوبية عن الفوز بالبطولة، وسيطر الأوروبيون على المشهد بأكمله. اليوم يظهر جريميو ويطمح للتغلب على باتشوكا المكسيكي والوصول إلى المباراة النهائية، في مهمة الدفاع عن حظوظ السامبا، واستعادة صيت بلاد المتعة والفن، أرض البن، حيث تدين كرة القدم بالكثير للبرازيليين الذين كان لهم عظيم الأثر في زيادة شعبيتها، وارتفاع معدلات متعتها، حتى انقسم مشجعو كرة القدم إلى نصفين، نصف يتوزع على منتخبات العالم، ونصف انحاز إلى صف السحر والمتعة والفن الجميل، تلك هي البرازيل.