لا أحد يتذكر هذا الاسم أو يتوقف عنده، ولكن هناك من يذكره بإجلال واحترام ليظل خالداً في قلوب من عرفها أو سمع بقصتها. ربما تذكر بعضنا اسم هذه المربية الآسيوية البسيطة الذي تردد في صفحات الحوادث عندنا في أكتوبر من عام 2014، عندما توفيت غرقاً في مياه شاطئ الضبعية بأبوظبي، بعد أن سحبتها الأمواج وهي تصارع لأجل إنقاذ أربعة من أطفال الأسرة الإماراتية التي تعمل لديهم لمدة أربع سنوات، وقد قفز والدهم إلى المياه لإنقاذها إلا أن إرادة الله شاءت أن تسلم الروح قبل وصول فريق الإنقاذ، وبعد أن أبلت وهي تصارع الأمواج في تلك المنطقة. اليوم يخلّد اسم هذه المربية الشجاعة في قريتها الصغيرة «باتا بارا» ببنجلاديش، ولأجيال عدة مقبلة بعد أن أخذت زمام المبادرة «دبي للعطاء» ببناء مدرسة ثانوية تحمل اسمها تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والصادرة فور علم سموه بوفاة المربية الشجاعة. أنه مسلك أبناء الإمارات في الوفاء للأوفياء، وأسرة الأطفال تواصل رعاية أسرة صفية، لتجيء هذه المبادرة السامية، لا لتحيي ذكراها فقط، وإنما لتنير الدرب لآلاف الطلاب بتعليمهم، لا سيما الفتيات في واحدة من أفقر المناطق في العالم، وإعدادهم بالعلم والتأهيل لأجل مستقبل أفضل. ومن عتمة مأساوية الحادثة، يولد نور الأمل بيد إماراتية لأبناء أهالي تلك المنطقة من خلال هذه المدرسة التي تستوعب أكثر من ثلاثة آلاف طالب وطالبة، بعد أن تم ضمان البناء وكلفة التشغيل والتمويل الذاتي، لضمان استمرارية العمل فيها، وبالرسالة التي تحملها في مجتمع تقف الإمكانات المادية دوماً عقبة في طريق أحلام البسطاء من الأطفال في التعليم، لا سيما قضية تعليم الفتيات التي تعد محبطة لآمال تلك المجتمعات وتطلعاتها للتقدم، وتحسين الأحوال المعيشية والاجتماعية فيها، مشروع مدرسة «صفية أكتر» المضيء، ينشر النور والفرح، كما هي دوماً المبادرات الإنسانية التي تنطلق من وطن الإنسانية، ويضاف إلى سلسلة من المشاريع والمبادرات الإنسانية التي تحلق في هذا الفضاء الإنساني الفسيح بأجنحة إماراتية، تعمل دوماً على استمراريتها وديمومتها من دون تمييز بين البشر. رحم الله صفية، وبارك في جهود كل من عمل وزرع الأمل والفرح في قلوب المحتاجين أينما كانوا.