ما قدّمه الجزيرة، هو لحظة منيرة من صفحات التاريخ.. جزء سيكون من أجمل ذكرياته، لقطات ومشاهد ستُحكى من قبل أبطال الموقعة لسنين طويلة.. هو من أجمل وربما أغلى ما سطرته كرة الإمارات في الفترة الأخيرة. الأمر ليس مجرد فوز وانتصار على حامل لقب دوري أبطال آسيا، وعلى بطل قارة أوقيانوسيا، بل في الوصول إلى المربع الذهبي لبطولة كأس العالم للأندية، ومواجهة ريال مدريد بكل جدارة وشرف، ومنافسته على خطوة الوصول إلى المباراة الحاسمة! هل كنا نتوقع أن يقدم الجزيرة كل ذلك.. بصراحة لا!.. وهل كنا نتوقع أن يلعب الجزيرة بهذه الطريقة، ويغلق مناطق القوى، ويصيب الفريق الياباني بالشلل؟ بالتأكيد لا!.. كنا نتوقعها صعبة وشائكة، ففرقنا لم تنتصر على المنافسين في شرق القارة منذ زمن بعيد.. ولم تقهر الفرق اليابانية في بطولة رسمية منذ فترة، واليوم تمكن الفريق الأبيض والأسود من التغلب عليهم والوصول إلى نصف النهائي في سابقة تاريخية لم تتكرر من قبل. الطرق إلى صناعة التاريخ ليست سهلة، والطرق لتحقيق إنجاز لم يسبق له أن حدث من قبل ليست بالأمر الهين.. وما شاهدناه في عيون بعض لاعبي الفريق وتحديهم للفريق الياباني على كل كرة وعلى كل هجمة وبين كل فرصة وأخرى، وفي كل ثانية كان غير عادي.. الروح كانت عالية والرغبة في تحقيق الانتصار فاقت كل الفوارق الفنية والبدنية وفارق الخبرات بيننا وبينهم! ولأن القدر لا ينصف إلا المجتهدين، فإحراز لاعب مثل علي مبخوت الهدف التاريخي، هو إنصاف لاجتهاد هذا اللاعب وتعبه على نفسه ومثابرته وطموحه الذي حوّله من مهاجم عادي مثل غيره من المهاجمين المحليين إلى قائد حقيقي في الملعب يسجل ويحطم الأرقام ويصنع الإنجازات ولا ييأس وتمكن من تحويل موهبته ولياقته وأهدافه إلى نتائج حققت المجد لفريقه. بالأمس كان خط الدفاع بأكمله نجوما.. عيسى العتيبة مشروع لاعب من طراز مختلف، والعطاس ومعه فارس جمعة ومسلم فايز ومحمد عايض وأمامهم يعقوب الحوسني.. كانوا بالفعل على مستوى المسؤولية لا يهمهم من يظهر في الصورة ولا يهمهم كيف يدير الحكم المباراة ولا يهمهم من يواجهون في الملعب، كل ما كان يهمهم أن يصيبوا المنافس بالشلل واليأس.. ونجحوا في ذلك. كلمة أخيرة التاريخ لا يصنعه إلا.. المنتصرون!