قاومت كثيراً فكرة ألا أكتب عن ليستر سيتي ومعجزة الدوري الإنجليزي.. رأيي أن ما سطره ليستر أروع كثيراً مما سنكتب.. لا شيء يساوي حروفه وكلامه وصيحات جماهيره طوال موسم كانوا فيه الأجمل والأحلى.. كانوا فيه أمل المطحونين والمهمشين وأندية الظل والفقر.. لا شيء مثل ليستر حتى زوايانا، فقد شيّد مدينة للباحثين عن أمل والمغردين خارج سرب الاعتياد والسطوة والمال. حين تُوج بالتاج.. لم أتوقف كثيراً عن الأرقام، فدائماً تكون للأبطال أرقامهم، لكن ما حدث كان أشبه بقصة أسطورة، لم يتزوج فيها «الشاطر حسن» ست الحسن وكفى، لكنه ورث المملكة.. قصة تأخذك إلى مدى لم تذهب إليه أحلامك.. ليستر كان قصة ربما لن تتكرر، وربما لا يكررها ليستر نفسه، لأنها باختصار من نسيج القدر الذي يريد أن يمنحنا درساً كل عدة عقود. كل ما في ليستر استثناء.. بالنظر إلى البداية والنهاية.. رانييري المدرب الذي سخر البعض من أحلامه طوال عقود من الزمن اكتفى خلالها بدور المتفرج على من يتوجون، كافأه القدر أخيراً، والجزائري رياض محرز الذي تعاقدوا معه بـ «دراهم معدودة»، وسخرت منه حتى جماهير ليستر نفسها، وهو قادم من دوري الدرجة الثانية الفرنسي، بات أفضل لاعب في البريميرليج، وتخطب أكبر أندية العالم وده، وفاردي «السجين» لاعب الدرجة الثامنة، أصبح من أفضل مهاجمي انجلترا.. تُرى ما الذي يصنع هذا، وكيف تتوافر كل عناصر الحبكة الدرامية تلك في عمل واحد. ومع أولئك، يبقى ليستر نفسه هو الحكاية، فمن ناد لا ينشد سوى البقاء الذي كاد يتفلت منه الموسم الماضي، بات في عنان السماء هذا الموسم.. المصادفات لا تتكرر بهذا النسق، والحظ لا يساند بهذه الطريقة.. هناك شيء ما.. ليس سراً لكنه بداخلك وبداخلي.. بداخل كل من يريد ويسعى.. بداخل كل واقف في وجه الريح والاعتياد والتكرار.. يبدو وكأنهم اتفقوا دون أن يدروا على استدعاء تلك الروح الكامنة في مكان لا يصل إليه كثيرون. كتبت من قبل عن تجربة ليستر في أوجها.. تمنيت أن يكون لدينا شبيه لهذا الفريق الملهم.. اليوم أدرك أن في كل مكان هناك شبيهاً، لكنه ليس بالضرورة أن يكون مثل ليستر.. هناك بداخلنا جميعاً تلك الإرادة والصمود والرغبة في مجابهة التحدي، لكن من يستيقظون.. نادرون. كلمة أخيرة: المستحيل أن يكون هناك «مستحيل».. طالما أننا متشابهون، فالأفضل من يدافع عن فرصته