في المناسبات التي يجب أن تكون منطقة مزروعة بالفرح، والتعبير عن هذه المناسبة بأسلوب حضاري، وبأخلاق أهل هذه الأرض، نلاحظ أن البعض يصر على تحويل المناسبة الجميلة إلى ساحة وغى، تخلف بعدها بقايا ونفايات العبث والفوضى التي يشيعها هؤلاء الناس. نقول لهم ياجماعة بلادنا جميلة، بل ومن أجمل البلدان، وهي حديقة غناء تنعم بكل أشكال الترف الحياتي، وبذخ الدنيا، فلماذا لا تحافظوا على هذه النعمة؟ فكم هو جميل أن يفرح الإنسان، ويترك مساحة للآخرين أن يفرحوا معه، وهذا حق مكتسب، لا يجب أن يصادره البعض عن البعض. عندما أرى إنساناً يلقي بالقمامة في الطريق، أو يعبث بوردة في مكان عام، أشعر وكأنه يقطع جزءاً من سنوات عمري، لأن ما يفعله العابث هو شيء من العدوانية، أولاً تجاه الطبيعة، وثانياً تجاه البلد، وهذا سلوك منبوذ ومرفوض ولا يقبله عقل ولا منطق. ثقافة الهدم هذه فكرة شيطانية، وتعبر عن مدى ما يختزنه هؤلاء الأشخاص من كراهية تجاه المكان، وتشير أيضاً إلى وجود خلل في التركيبة النفسية، وهي نتيجة للتربية الخاطئة. المسؤولية تقع على الأسرة، لأنها المكون الأساسي للأخلاق، ومن دائرتها يخرج الأفراد الذين ينتقلون بعد ذلك إلى المدرسة، فهي المنطقة التالية التي ينتقل إليها الأفراد، وإذا كانت المدرسة عاجزة عن تصحيح الدور الأسري، فإن الشخصية تتحول إلى بؤرة خطر تهدد المجتمع. يجب ألا نستهين بالسلوكيات الفردية البسيطة، لأنها البداية لتصرفات أشد ضراوة وقسوة على المجتمع. ما نلاحظه من سلوكيات لدى بعض الأفراد في المناسبات العامة، إنما هي بوادر لأمراض مستعصية وخطيرة، يجب تلافيها ومقاومتها وكبحها، قبل أن تتطور وتتفاقم وتصبح داءً عضالاً، والدولة تبذل الدور الكبير في صناعة مجتمع الجمال في كل شيء، وتصرف الأموال الطائلة لتصبح الإمارات الأميز في العالم، ولكن يبدو أن البعض مثل الطفيليات، لا يستطيع العيش إلا في القاذورات، فعندما يؤم مكاناً نظيفاً، يشعر بالتعب فيضطر لبذل كل ما بوسعه لتحويل الجمال إلى قبح، الأمر الذي يستدعي إعادة تأهيل هؤلاء بكل الوسائل، وتهذيبهم وتشذيب أخلاقهم، وترتيب مشاعرهم وتخصيب عقولهم التي عجفت ويبست ونشفت، ولحقت بها الكثير من الرواسب، ومحن التربية السيئة. نحن بحاجة إلى كل فرد من أفراد المجتمع، وعندما يشذ فرد فإنه بطبيعة الحال يؤثر على سائر أفراد المجتمع، ولا مجال لترك مثل هذه الترهلات، تمر من دون تعديل سلوك، فالإمارات فلذة كبد، فلا يجب أن نترك فلذة كبدنا عرضة للأيادي القذرة، وأول ما يجب أن نحمله المسؤولية هي الأسرة.. الأسرة أولاً.