في عتمة الليل العربي، في زحمة النصوص العقائدية المتوحشة، في ضجيج وعجيج الموجة العارمة، في تشابكات الدال والمدلول، يقف الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، بقيادة الشرفاء من أبناء هذه الأمة، المصباح المنير، ومختار الصحاح، يضيئنا، ويصحح مسارنا، ويذهب بنا إلى حيث تسكن الشمس، بعيداً عن أساطين الظلام بعيداً عن أساطير الضلال، متكئاً بذلك على وعيه القرائي، وقدرته على تقليب الصفحات، بحيث يضع البنان على البيان، ويلفظ كل ما يسيء إلى البنيان، ويحشد قوى الخير، ويستجمع عناصر القوة، من أجل بناء طريق حرير، ليوصلنا جميعاً إلى موائل الحقيقة، وبؤرة الحق، مستعيناً بذلك أيضاً بالحاجة الملحة، للدفاع عن الوجود، إذ أصبحت المواجهة اليوم هي أن أكون أو لا أكون، فما يفعله الظلامي والضلالي، هو تهشيم قرص الشمس، وإلباس النجوم شالاً داكن اللون، وإرواء الأشجار، من ماء البحار الضحلة، وملاحقة الغزلان ومداهمتها ومباغتتها كي لا يبقى في الغابة غير وحش الحقد، وأنياب الكراهية.. ما يقوم به اتحاد الكتاب والأدباء العرب، محاولة جادة لتنقية الماء، وكما قال الفيلسوف الإغريقي العتيق طاليس: «إذا كانت الأشياء جميعاً جاءت من الماء فلماذا لا ننقي الماء؟».. وهكذا يفعل اتحادنا، هكذا يفعل رجالنا حملة الأقلام الشريفة، هكذا يجتهد حبيب الصايغ كأمين عام للاتحاد، وحوله يصطف الأنقياء، للذود عن قيمنا الرفيعة، وتحصين مشاعرنا من مياه الحقد الملوثة، والوقوف كتفاً بكتف، ضد وباء الإرهاب، وضد الذين أرادوا أن يختطفوا الدين، فباءت خططهم بالفشل، لأن حبل الكذب قصير ولأن الوهم لا يمكن أن يصير واقعاً، ومن عاشوا تحت وطأة أحلام اليقظة أصبحوا الآن يغردون خارج السرب، بعيداً عن المعنى.. وهكذا فإن المسؤولية الآن تقع على عاتق كل فرد، وكل من يعيش على أرض العروبة، بأن يجعل الالتزام تجاه الآخر يبدأ بالتصالح مع النفس وتنقيتها من شوائب الدهر وخرابه، وأملنا كبير بأن يخطو اتحادنا خطوات أوسع وأكبر، وأقلام الجميع وأفكارهم، رهن الإشارة من أجل الدفاع عن المشروع، عن المصير والعقيدة والوجود، ونحن على يقين أن ما يحدث الآن، مهما كبرت فقاعاته، سيبقى فقاعة وتزول إلى الأبد، طالما الإصرار على مواجهته، هو القيمة الإبداعية التي يركز عليها كل إنسان يشغله الإنسان والوطن ولاشيء غير ذلك.. والتاريخ الإنساني مليء بمثل هذه النزعات الانحرافية، التي تفجرت ثم انطفأت مثل بالونات الأطفال.