هكذا هي دولة التنوير شبابها كبار، وكبارها أقمار، وأرضها مزروعة بضوء النهار وسماؤها فيض من ثمار. هذه هي سمة الذين عشقوا الحياة، ورصعوا قصائدها بالقلائد والفرائد ونقشوا على صفحات التاريخ حلم شعب آمن بالحب قيماً وسيماً واستلهم من غافة الصحراء قوة الإرادة وصفاء العزيمة. هذه هي نخوة الرجال الأفذاذ وضعوا الوطن ما بين الحاجبين قمر اللجين ونخلة ترتل آيات الصبر والصمود وترسل للعالم رسالة مفادها أن الإمارات ملحمة من نعم المثابرين، والذين يفعلون قبل أن يقولوا ويسجروا البحر ليلفظ نفايات التاريخ ويستولد الجوهر والدرر وينسجون من رمل البيداء قماشة الفرح، ويسعدون ويحبرون ويملأون صحن الحياة بقوت النضج وفوح الطاقة المتجددة. شبابنا قرة أعيننا وفلذات أكبادنا هم الذين اليوم يقلمون الأغصان ويشذبون الأشجار ويهذبون المعنى، ويطرقون جهات العقل كي تنبت الأرواح الزكية أجنحة التحليق في فضاء الوجود وتحدق طيور الأمل في مرايا المستقبل، ونمضي معاً نحو غايات المنى ونحقق للوطن ما يستحقه ويرضاه. شبابنا اليوم يديرون دفة السفينة بإيعاز من القيادة الرشيدة التي مهدت الطريق وبذلت ما بالوسع كي يكون للشباب دور وللسواعد الغضة مكان في عالم السعي والعطاء. وعلى الشباب تقع اليوم مسؤولية الحفاظ على الأمانة والالتزام الأخلاقي تجاه الوطن وأهله، على الشباب وهم يتبوؤن هذه المهمة التاريخية أن يكونوا هم الوطن، ويكون الوطن هم أن يكونوا جداره وجذوته وقدوته وقدرته الفائقة. هذا هو الأمل المعقود على ضمير الوطن والناس، وهذا هو ما تنشده القيادة من هؤلاء الفرسان كي نعبر الزمن معاً ونتجاوز حدود المناطق الوعرة، ونصل إلى سواحل السعادة والمراكب محملة بزاد الدنيا وأسباب الظفر. شبابنا اليوم في المكان الصحيح في الوقت الصحيح يثبون باتجاه ما ترتجيه منهم القيادة، وما يطمح إليه الوطن ويتمناه الأهل. إنه الوعي الذي يستدعي جل إمكانياته كي يعبر النهر ويمضي نحو الضفة الأخرى متحدياً الظروف والصروف ماداً النظر إلى نجمة التألق، منسجماً مع متطلبات العصر وتطلعات ما بعد الحاضر. مجالس الشباب محاور وعي وسعي لأخذ زمام الأمور، وتحمل المسؤولية في البناء والتشييد وتعبيد الطريق لمن سيأتون من بعد، وهكذا هي الحياة أدوار وأطوار وأسبار وأمطار تغسل جلاليب العقل متى تلحقها الرثاثة. نحن الآن في صلب الوجود، نحن في الحبل الممدود ما بين الماضي والحاضر، نحن في العالم وطن يتكون من نسيج الحرير والماء والبرد.