قبل أن يُغادر الرئيس الأميركي باراك أوباما خليجنا الساخن، صرح بأن «القمة الخليجية الأميركية كانت ناجحة»، وهذا انطباع جيد جداً، ولكننا نتمنى أن تكون القمة ناجحة بنتائجها وما يتبعها من مواقف وتعاون بين الطرفين، وليس بالتصريحات والتعليقات والأمنيات والتطلعات التي رددها عنها ضيف الخليج أوباما خلال القمة، والتي لا شك أن مشاركته فيها تأكيد لحرص الولايات المتحدة على معرفة مواقف قادة مجلس التعاون الخليجي تجاه أزمات المنطقة وقضاياها، وكذلك رغبتها في الحفاظ على علاقاتها مع دول الإقليم، كما أن هذه المشاركة وهذا الحضور الأميركي يبددان كل الشكوك والتحليلات حول العلاقات الأميركية الخليجية التي يبدو أنها تمر بصعوبات حقيقية، إلا أن كلاً من الطرفين حريص على تجاوزها، والمحافظة على بقاء علاقاتهما المتميزة. رؤية مجلس التعاون الخليجي وقادة الحزم والحسم تبدو واضحة ولا غبار عليها، فدول المجلس أصبحت تعي المخاطر والتحديات التي تواجهها، وتعرف تماماً أصدقاءها وأعداءها، وبالتالي لن تعتمد على صديق أو حليف في حل مشكلاتها، وإنما ستعتمد على نفسها بالدرجة الأولى وستستعين بأصدقائها الحقيقيين، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالأمس، خلال القمة الخليجية الأميركية في الرياض، عندما قال: «إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عليها مسؤولية تاريخية كبرى في الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، والتصدي لمخططات الفوضى والتخريب التي تتعرض لها بعض دولها، وهذا يمنح القمة الخليجية الأميركية بمشاركة الرئيس باراك أوباما أهمية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة». غادر أوباما، وقد أصبح واضحاً اليوم للولايات المتحدة والعالم أن ثقة مجلس التعاون بنفسها أصبحت كبيرة جداً بقيادة المملكة العربية السعودية، وهذا ما عبر عنه بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حينما قال: «مجلس التعاون الخليجي قادر على الدفاع عن مصالحه ومكتسبات شعوبه، ويمتلك إرادة التحرك الفاعل ضد أي أخطار تتهدد أمنه واستقراره». الوضع الجديد الذي تمر به المنطقة العربية بأسرها يحتم على دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من أي وقت مضى التكاتف والتلاحم، والعمل المشترك وتقوية كيان المجلس الخليجي، وخصوصاً بعد الظروف الصعبة التي مرت بها علاقات هذه الدول خلال السنوات الماضية والانقسامات التي عانت منها بسبب اختلاف وجهات النظر في بعض القضايا الإقليمية، اليوم لم يعد هناك مجال للاختلاف أو الانقسام في ظل التغيرات المتسارعة والأخطار المتزايدة التي تمر بها المنطقة، وعلى رأسها الإرهاب، وزعزعة أمن واستقرار هذه الدول التي تهددها الأطماع الإقليمية.