بريشة المتأمل، بحبر المزمل بالوفاء، وسجية النبلاء، تناول الباحث والصحفي الأنيق سعيد حمدان، شخصيات سكنت الوجدان، واستقرت ما بين الوريد والشريان، نسقت مشاعرها مع المكان حتى أصبحت في قلب الإنسان، الزهرة الفواحة، في الزمان يشير إليها البنان.. زايد الخير المؤسس والباني، طيب الله ثراه، وآخرون مثل سلطان العويس وسيف غباش وتريم عمران وعبدالله عمران والخضر والحجري وحمد بوشهاب.. أسماء زينها زايد، بحكمة العطاء وشيمة النجباء وقيمة الأصفياء، فصارت نجوماً تخيط قماشة الليل بخيوط الضياء، أسماء أولاها زايد جل اهتمامه، فلماذا لا نكتب عنهم؟ لماذا لا نجلهم ونقدرهم، ونضعهم في اللب والقلب. سعيد حمدان بهذا الكتاب الشائق، إنما ينظف ذاكرتنا بمكنسة نقائه، وليقول للأجيال القادمة، هنا.. في هذا المكان نشأ رجال أسكنوا الوطن في قلوبهم، فرفعهم عند هامات النجوم، فصار التلاقح حتى رجحت كفة الوطنية، وصار الوطن شجرة عملاقة، أوراقها هذه العقول التي قدمت وأسخت في العطاء، وتفانت وضحت وأبدعت، وها نحن اليوم نحصد ما زرعه الكبار، فنكبر معهم، ونذهب في طريقهم معبداً بالحب والصدق والإخلاص. سعيد حمدان في كتابه «خالدون رغم الغياب»، يذهب بنا بعيداً، يأتي بنا عميقاً، وبشوق الأحبة إلى الأحباب نجد أنفسنا نستدعي جل الأحاسيس لنعكف على كتاب يمدنا بمزيد من الفرح، بكثير من الإرادة، وبأكثر من التأمل في سمات شخصيات بنت سلوكنا على البقاء من أجل إبقاء الوطن بحراً يزخر بالدر النفيس، من أجل تطويقه بقوة الذات ووضوح المعنى، وبفضل هؤلاء وسواهم، يقف هذا الوطن شامخاً راسخاً، وبخطوات ثابتة واثقة، يتسلم راية العز، ويضع تاج المجد عند جبين صحراء رتبت رملها على أساس النخوة والقيم العالية. سعيد حمدان فتح الطريق واسعاً لمن يريد أن ينهل من هذا المعين، ولمن يود أن يستعين بجلد هؤلاء الأفذاذ والصناديد الجهابذة.. سعيد حمدان، وقف عند ساحل الوجد، ونادى يا بحر فيك الدر كامن، والإمارات بحر يمتد إلى محيط، ومحيط يتسع القارات الخمس، ولنا أن نحتذي بالمؤسس وبصبره وجلده وحسه المرهف في تناول الوطن كجسد، والمواطن كقلب.. لنا أن نحب الوطن وأناسه، كما أحب زايد الناس جميعاً، وحببهم فيه.. شكراً سعيد حمدان لهذا الحب.. شكراً لهذا الانغماس في الأرواح التي ما زالت تسكننا كما سكنهم الوطن.