شيئاً فشيئاً، تبدو المدرجات وكأنها تنفلت.. ليست كلها، فالكثير من جمهورنا واعٍ ولديه قيم ومبادئ، ولكن أن يحدث ما يحدث ولو من فرد واحد، فلا بد أن نتوقف؛ لأننا الإمارات.. لأننا بلد الخصال الكريمة والشعب طيب الخصال، ولا أحب أن أرى أخي أو ولدي يسب لاعباً أو يهزأ به؛ لأنه عنوان لتربيته ولبيته. أمس الأول، استمعت إلى مداخلة للاعب عجمان حسن زهران.. قال فيها ما يدمي القلب.. قال إن بعض الجمهور سب والده المتوفى وأمه المريضة.. بالطبع هو كلاعب محترف ربما لا يكترث، لكن الإنسان يكترث، والأم التي أفنت زهرة عمرها لتربية ابنها تكترث.. إن لم يكن من أجل نفسها، فلأجل والد أبنائها الذي رحل إلى دار الحق، ولا يجب أن يصله من هذه الدنيا سوى الدعاء بالرحمة والغفران. الأكثر حزناً وألماً أن ما نشاهده ونسمعه في المدرجات، أهون بكثير مما نقرأه ونشاهده في وسائل التواصل الاجتماعي، وكأنها أصبحت وسائل للقطيعة وامتهان الآخرين.. تضج بالتعصب الأعمى والعنصرية والكراهية والشتم والسباب، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تصنيفها بأنها لون من الإثارة أو الحماس، فشتان بين الخروج عن النص وبين الخروج عن الإنسانية. على الجماهير المحبة لبلدها أن تتخلص من هذه الفئة التي تسيء إليها، وعلى الأندية أن تقوم بدور أكبر في توعية عشاقها والتواصل معهم، وإن كانت المشكلة في أن البعض داخل الأندية نفسها يذكي هذه النار، التي إن كبرت ستحرقهم معها، وستطالهم أيضاً، لأنهم ليسوا بعيدين عنها. ما أصعب أن ترتدي ثوب المصلح، فالناس غالباً تضج بالنصيحة، ولا تقبلها، وتفسرها بكل الألوان، وهناك بعض من يرفعون لواء الإثارة يصنفون الأندية، ويفترضون أن الدفاع عن القيم والمبادئ مرتبط بنادٍ وموقعه في جدول الترتيب، وهناك من يتكئ على نظرية المؤامرة ويفسر تلك المواقف بأنها مدفوعة من طرف هنا أو هناك، لكن أولئك وهؤلاء مردود عليهم، بأننا يجب ألا نختلف على الحق وعلى المبادئ والقيم، وأنه على كل منا أن يفترض أنه في الموقف ذاته الذي نرفضه.. كيف ستكون إن أهانك شخص أو نال من قدرك.. حتماً لا يرضيك، وكذا هو لا يرضي أحداً. اللوائح فيها ما فيها عن آليات التصدي للخروج عن النص، سواء الحبس أو الغرامة، وغيرها من العقوبات الضابطة للسلوك، لكن اللائحة الأهم تبقى داخلنا.. اللائحة الأهم هي أنت.. كيف تحب أن تكون.. وكيف تحب أن نراك. كلمة أخيرة: اجعل من يراك.. يدعو لمن ربّاك