بالأمس، احتضن ثرى الإمارات الغالي قامة وطنية متفردة بحجم الراحل خلفان الرومي الذي عرفناه أميناً مخلصاً وفياً معطاءً في مختلف مواقع المسؤولية الوطنية. لقد كان من رجالات الرعيل الذين أسهموا بأدوار جليلة في ظل ظروف دقيقة مع الإرهاصات الأولى لقيام الدولة، بالقرب من الآباء المؤسسين العظام من طراز زايد بن سلطان آل نهيان، وراشد بن سعيد آل مكتوم وإخوانهما الحكام، وهم يضعون اللبنات الأولى لصرح الإمارات الشامخ. فقد كان مشاركاً فعالاً في العديد من اللجان التأسيسية، وتولى عدداً من الحقائب الوزارية في تشكيلات حكومية متتالية، يترجم توجهات وتوجيهات القيادة للاعتناء بقضايا الوطن والمواطن وإعطائها الأولوية على مختلف الصعد والمجالات والميادين. لقد كان الفقيد واحداً من رجالات الدولة الأفذاذ الذين سيخلدهم تاريخ الإمارات، وسطروا أسماءهم بأحرف من نور وضياء، بعد أن أثروا مسيرة العمل الوطني بوهج من روح التفاني والبذل والعطاء. وكإعلاميين، اقتربنا من شخصية الفقيد أكثر، عندما تولى حقيبة الإعلام في تسعينيات القرن الماضي، وفي مرحلة دقيقة من تاريخ هذه المنطقة، وهي تشهد نذر حرب الخليج الثانية، عندما غدر الشقيق بشقيقه، وغزا الجار جاره، فكان الناصح والموجه مترجماً توجيهات القائد المؤسس، والتي كانت حجر الزاوية في أداء إعلام الإمارات الحريص دوماً على وحدة الصف، والنأي عن المهاترات التي تنزلق إليها منصات إذكاء الفتن، وإثارة النعرات والانقسامات، وظل وفياً لهذا المنهاج في العمل. واقتربنا منه أكثر في صحيفتنا «الاتحاد»، عندما كان رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر والتوزيع حينها، وكان قريباً من الجميع بدماثة خلقه وتواضعه الجم. كما اقتربنا من الراحل وبصماته الجلية الجليلة لدى توليه رئاسة جائزة الصحافة العربية، وهي ترعى وتكرم المتميزين في خدمة الكلمة الصادقة والرأي النزيه، كما كانت الجائزة وفية له عندما كرمه بصورة خاصة راعي الجائزة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تقديراً لدوره في إثراء مسيرة إعلام الإمارات، والجائزة والمنتدى الذي يضمهما قد أصبحا عيداً سنوياً للإعلام والإعلاميين. ستظل هذه القامات الوطنية خالدة في ذاكرة الإمارات، نماذج ملهمة للأجيال، رحم الله أبا فيصل وأسكنه جنات الخلد، وألهمنا وأسرته الصبر والسلوان، «إنا لله وإنا إليه راجعون».