اليوم بإمكاننا أن نفسر الحلم.. نعم نواجه الشقيق السعودي.. نعم هو خطير وكبير ومفزع.. نعم كانت له الأسبقية في المواجهات التي جمعتنا معه.. نعم هو الآخر لديه طموح وأمل، ولديه حملة جماهيرية تسانده وتدعمه، لكن المواجهة اليوم هنا.. على أرضنا.. بين جمهورنا، والأهم أن لدينا جيلاً يختلف، ولدينا حلم يختلف.. معتاد ومكرر، لكنه هذه المرة لا يستند إلى العاطفة وحدها، وإنما إلى نتائج ولاعبين وتاريخ رافق هذا الجيل من بداياته، وهي وإن كانت مصادفة أن بدايات هذا الجيل كانت في السعودية، وتحديداً في الخبر والدمام، يوم توجوا بكأس آسيا للشباب، غير أن للمصادفة دلالة ومعنى وروحاً. لا أحد بإمكانه أن يشعر بعمق المسألة وخطورة المواجهة مثل اللاعبين.. منتهانا أن نكتب، ومنتهاكم أن تقرؤوا أو تتفرجوا، وتهتفوا وتبكوا، لكن أحد عشر لاعباً فقط يعلمون أن عليهم تفسير الحلم، وتفسير الأحلام ليس بالمهمة السهلة.. نحتاج إلى الفوز وإلى الفارق التهديفي بالطبع، من أجل العبور للجولة التالية من المونديالية، وتعلم السعودية أنها لا تحتاج ما نحتاجه، كل تلك المعادلات في الكرة تتناثر فوق العشب الأخضر، وتطارد اللاعبين، هنا وهناك.. للقدر دوره؟ نعم، لكن الكلمة الأهم تبقى للإرادة وللعطاء ولكتيبة الفرسان التي كتبت الصعب مراراً وعبرت المستحيل كثيراً. تُرى: ما دورنا نحن اليوم في المعادلة؟.. هل نكتفي بإغماض أعيننا تسعين دقيقة نسأل بعدها ماذا حدث، ونطيح بـ «العقال» في الهواء فرحاً بنصر تمنيناه ليس أكثر؟.. أعتقد أننا إذا كنا نتطلع إلى منتخب مختلف، فعلينا أولاً أن نثبت أننا أيضاً جمهور مختلف.. ها هو استاد محمد بن زايد، ملعب الانتصارات يدعونا لنكون خلف الأبناء وخلف الحلم.. ليس مهماً ما يحدث.. المهم أن نكون معاً.. أن نتطلع إلى وجوهنا هناك.. أن نهتف معاً، ونقف للنشيد معاً.. أن نتشابك.. أن يشعر أولئك «الأحد عشر» أن الوطن حولهم.. أن الأمنيات ليست فقط مجرد كلمات. كنت قد بدأت عازماً الكتابة عن الفرص وعن التشكيل وأجواء الإعداد الأخيرة، لكن مالي وكل ذلك، فمهدي ورجاله أدرى به.. هذا الترقب بداخلي فرض سطوته، وهو- لا شك - بعض مما يغزو صدور الجميع.. هذا الاشتياق «للتفسير» بعد عقود من الانتظار، يملك علي كياني.. اليوم علينا أن نكون هناك.. هذا ما علينا، اجعلوه موعداً مع الوطن لنهتف لأبناء الوطن. كلمة أخيرة: حين تختزل الدقائق أحلام العمر.. علينا أن نحتفي بها كما يجب