طوال السنوات الماضية، إذا ما همنا أو أحزننا أمر، وأردنا أن نجد موطئاً نلقي فيه بشعلة الغضب، تلفتنا يميناً ويساراً، فكان في الاتجاهين إبراهيم عبدالملك الأمين العام للهيئة العامة للرياضة والذي تقدم باستقالته أمس، ليسدل الستار على مسيرة حافلة بالعمل طوال 40 عاماً قضاها رحالاً بين ناديه الأهلي، وبين واتحاد كرة القدم والبولينج واللجنة الأولمبية والاتحاد الآسيوي للكرة الطائرة، وغيرها من المناصب التي تقلدها الرجل، ولم تغيره يوماً ولم تغيرنا أيضاً، فقد اعتاد برضا واعتدنا نحن بصلف أن نجعله دائماً في مرمى السهام. وطوال كل تلك السنوات، وبالرغم من كل النقد الذي كان يتوجه صوبه بلا هوادة مع كل إخفاق لأي اتحاد أو لعبة أو لاعب أو إداري أو مار بجوار الرياضة، لم يخرج الرجل عن هدوئه مطلقاً.. كان هادئاً على الدوام.. مبتسماً في الغالب، يلتقيك فيهدم في ثوانٍ كل جبال الجليد التي صنعتها أنت، ويغريك بأن تعاود الكَرَّة، فربما لن تلتقي في الساحة من هو مثله. تحمل إبراهيم عبدالملك عبء البدايات في أشياء كثيرة، فالرجل عاصر رياضة الإمارات من أول الطريق، وعمل في إدارتها، وهي تحبو في دربها إلى الغد، وكالعادة لم نكن نحن في أوقات كثيرة نقنع بالممكن ولا بالمنطقي.. كنا ننشد القفز واختزال الزمن، وعلى الرغم من أنه كمسؤول في الهيئة، كان المطلوب منه أن يوفر احتياجات الاتحادات ويتابعها وربما يراقبها ليس إلا، غير أننا كنا نحاسب الاتحادات واللاعبين في شخصه، وإذا ما أنجز أحد، توارى عبدالملك أو واريناه، ولم يكن يتبرأ، ولم نكن نتعلم. يدرك إبراهيم عبدالملك أن كل ذلك كان من أجل الدولة.. لهذا كان يلوذ بالصمت وبالعمل، واليوم وهو يغادر الساحة شامخاً من فوق «الذروة الأربعين» على جبل العطاء الذي شيده، نقول له شكراً.. شكراً على كل ما قدمت، وشكراً على صبرك الطويل الذي علمنا أيضاً كيف نصبر.. شكراً لأنك وأنت تمضي ندرك في داخلنا أنك أبداً لن تغادرنا، ليس فقط بالإنجازات والأعمال ولكن بأروع الصفات والخصال. في المقابل، نبارك لسعادة يوسف السركال، توليه رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، ولا شك في أن وجوده في «الهيئة» إضافة لها، وأيضاً إضافة لتاريخ السركال الحافل على المستويات كافة، وكلي ثقة بأنه سيترك بصمته الخاصة، فهو ليس ممن اعتادوا السير دون أثر، كما أن المرحلة الحالية تتطلب عملاً مختلفاً، يواكب طبيعتها وما تشهده الرياضة حول العالم من قفزات، علينا أن نراها أيضاً في الإمارات. كلمة أخيرة: أصحاب العطاء الحقيقي لن تعرفهم إلا وهم يمضون.. الحقيقة تصبح لامعة عند الرحيل.