أن تصطبغ أهم معالم الإمارات كبرج خليفة في دبي ومركز أبوظبي الوطني للمعارض الدولية «أدنيك» بألوان العلم البلجيكي ليلة الهجمات الإرهابية على بروكسل ذلك الثلاثاء الأسود، يعبر ليس فقط عن الموقف المبدئي للإمارات المتضامن مع ذلك البلد الصديق، وإنما يجسد لفتة رمزية للتصميم الكبير والقناعة الراسخة لدى أبنائها بضرورة العمل معاً وسوياً لاجتثاث آفة إرهاب لعين، يطل بوجهه القبيح هنا وهناك، مستخدماً ديننا الإسلامي الحنيف، الذي يؤكد على احترام الإنسان، وصون حياته ودمه وعرضه، مهما كان جنسه أو عرقه أو معتقده. اعتقد «خرفان» وأدوات الإرهاب أنهم بأعمالهم الرعناء وهجماتهم الغادرة الجبانة قادرون على فرض توجهاتهم البائسة على العالم، ولكنها في حقيقة الأمر لا تعبر سوى عن البؤس والاحتضار اللذين تعيشهما خفافيش الظلام عندما تطل بكل قبح من جحورها وأوكارها الآسنة، بعد أن نجحت قوى الخير بمحاصرتها في مناطق عدة من هذا العالم، الذي أرادوا استنزافه بنشر الرعب والموت والدمار والخراب أينما حلوا أو نجحوا بالتسلل إليها في عالمنا العربي والإسلامي، ووصلت إليها أياديهم الخبيثة الملطخة بدماء الأبرياء حتى في الولايات المتحدة وأوروبا. مررت على بروكسل في مناسبات عدة أثناء توجهي لأمستردام أو باريس، وفي كل مرة أجدها مدينة تضج بالحياة ، تستقبل زوارها بفرح وبهجة، وتفتح ذراعيها للجميع وفي مقدمتهم العرب والمسلمين، وتمنح دفء الانتماء والرعاية للكل بما في ذلك أولئك الذين خرجوا من» أولمبيستان» لينشروا الموت والرعب في مطار بروكسل ومحطة قطار الأنفاق في الحي الأوروبي غير بعيد عن مقر المفوضية الأوروبية. وقبل ذلك في باريس، كأمثالهم من الملتاثين الذين فعلوا ما فعلوا في مناطق أخرى من العالم. إرهابيو فرنسا وبلجيكا وغيرها من دول أوروبا هم من أسقاط الناس، خرجوا من بيوت البغاء و الحانات وأوكار مروجي المخدرات والبضائع المسروقة، يحاولون اليوم تصدر المشهد باسم الانتصار للإسلام، وهو منهم براء، كما يفعل «دواعش» العصر وأتباعهم، مما يحملنا نحن العرب والمسلمين مسؤولية أكبر للتصدي للإرهاب وقطع دابره، واستئصال شأفته للقضاء على هذا الوباء الذي بات خطراً وجودياً على العالم وحضارته. ومن هنا كان الالتزام المبدئي للإمارات في الخطوط الأولى على جبهة محاربة الإرهاب، وكافة صُعد المعركة العسكرية والأمنية والمالية والفكرية. والنصر للإنسان وقيمه، والخزي للإرهاب والإرهابيين.