يشكل القطاع الخاص بشركاته ومؤسساته الاستثمارية، رئة أساسية لأي اقتصاد قوي يتمتع بالمرونة ويقوم على القواعد الأساسية المتمثلة في معادلة العرض والطلب، وبالتالي فإن هذا القطاع بإمكانه لعب الدور الأساسي في عجلة التنمية، خصوصاً إذا حظي بإجراءات حكومية داعمة، ونابعة من إدراك أهمية دور القطاع الخاص، وضرورة توفير احتياجاته وإزالة أي عقبات تواجه نجاحه. ما نراه في دولة الإمارات، وتحديداً في العاصمة أبوظبي مؤخراً، يعكس ذلك بوضوح، فهناك دعم لتمكين هذا القطاع من ممارسة دور كبير في الاقتصاد، ولعل ما كشف عنه وكيل دائرة التنمية الاقتصادية أمس، من توجه الحكومة للتخارج من شركات كبرى لصالح القطاع الخاص، والاتجاه لطرح حصص في الشركات للاكتتاب العام، يعكس هذا اليقين بدور المستثمرين في عجلة التنمية إلى جانب الحكومة، وإعطائهم دوراً أكبر، في حين تستمر عجلة الإنفاق الحكومي بقوة، لاستكمال المشاريع الاستراتيجية التي تشكل بوابة المستقبل لاقتصاد الإمارة، إلى جانب الاستعداد لإطلاق مشاريع تتراوح قيمتها بين 20 و30 مليار درهم على الأقل العام المقبل. الملاحظ أن هذا التوجه إلى جانب كونه يوفر البيئة الملائمة للقطاع الخاص، سترافقه مجموعة كبيرة من المكاسب، فالتخارج وطرح أجزاء من شركات استثمارية كبرى أبرزها «أدنوك» و«صناعات» و«الإمارات العالمية للألمنيوم»، سيعطي فرصاً مجزية للقطاع الخاص، كون هذه الشركات تمتلك سجلاً حافلاً بالنجاحات، وتسهم بقوة في اقتصاد الإمارة، بالإضافة إلى أن مثل هذه الخطوة ستنعكس إيجاباً على الأسواق المالية على المدى الطويل، فهي ستزيد من عمق أسواقنا، وستخلق كيانات جديدة تتولى قيادة الأسواق، نحو مرحلة أكثر عمقاً، ما سينعكس على قطاع الاستثمار المالي بشكل عام. ولعل النقطة الأبرز في هذا الجانب، هو الاتجاه القوي نحو دراسة التحديات التي تواجه استثمارات القطاع الخاص، والعمل على معالجتها، وهو أمر في غاية الأهمية لبلوغ الأهداف المرجوة، خصوصاً أن تقرير متابعة متطلبات القطاع الخاص الذي تعده دائرة التنمية الاقتصادية، يظهر ذلك من خلال طرح مجموعة من المبادرات الهادفة لتحفيز عدد من القطاعات، والتي أسهمت في معالجة ما يقارب 85% من التحديات، ويبقى من المهم استكمال معالجة كل التحديات الأخرى خلال الفترة المقبلة، وهو ما يتم العمل على تنفيذه. كل هذا الاهتمام بالقطاع الخاص يشير بوضوح إلى الشكل الجديد الذي يتم رسمه لاقتصاد أبوظبي في المستقبل، فما يحدث يعطي مؤشرات واضحة على أن الحكومة تؤمن بدور هذا القطاع في قيادة الاقتصاد مستقبلاً، وينبغي أن يدرك أصحاب الشركات هذه التغيرات التي تحدث، وأن يستعدوا للعب دور أكبر مستقبلاً، وأن يبحثوا عن الفرص الواعدة في المجالات المختلفة لتحقيق نجاحات نوعية.. فكل المؤشرات تؤكد أن أبوظبي هي عاصمة الفرص القادمة.