ملتقى السرد الخليجي، هذا الملتقى الجميل الذي استضافته أبوظبي، انطوى على الكثير من الكتابات الاستشرافية التي تطل على السرد الخليجي من نافذة الوعي المستقبلي. ولا شك في أنها فاعلية ستضفي على الكتابة السردية في الخليج الكثير من الدلالات، كما ستقدم نماذج مختلفة من الكتابة السردية، والتي أصبحت ظاهرة في رتمها ونسقها وإشكالياتها. اذا اتخذنا الرواية الخليجية كنموذج، نجد أن كتاب الرواية في دول الخليج العربي تجاوزوا الحراك الثقافي نفسه، ما يعني أن الكتابة السردية ليست متطفلة على هذا النمط من الكتابة، في الوقت الذي نجد أن بعضهم ينعتها بالسطحية، وهذه من المفردات الخطيرة التي تلحق بالكتابة السردية التي يكتبها الكتاب الخليجيون، بل ربما تتحول في المستقبل إلى كلاشيهات ومفردات يتكرر تردادها، ومن ثم تصبح من المسلمات التي يصعب التخلص منها أو معالجتها. كما أنه ليس من الحكمة التسرع في إطلاق أحكام من هذا النوع، لا سيما إذا تذكرنا أن الكتابة نفسها هي تراكمات ثقافية وتاريخية، أي أن الوقت يلعب لعبته الخطيرة في نموها وتبلورها. وإذا قلنا إن بعض الأوراق المقدمة كدراسات كانت رصينة ودقيقة وحملت في طياتها ما ينبغي إبرازه في هذه الملتقيات، فإن غير قليل من الأوراق (لا أقول دراسات كونها بعيدة كل البعد عن مفهوم الدراسة) جاءت انطباعات وجدانية لا يمكن التعويل عليها في الخطاب الثقافي أو الأدبي، وبالتالي إذا ما التفتنا إلى الملتقى الخليجي ومخرجاته ومضامينه، نشعر بأن هذه التظاهرات تغذي النسق الثقافي بالمنطقة، وتقوم بدور ريادي في التعريف بالكتابة السردية، لكنها بحاجة إلى التدقيق في كل ما يقدم من دراسات. بالطبع، لا يمنعنا هذا من القول بأن هناك دروساً مستفادة من هذا اللقاء، خاصة لجهة انعقاده في أبوظبي ما يجعل الوفود الخليجية على تماس بما يحدث من عمل ثقافي دؤوب في أبوظبي بشكل خاص، والإمارات بشكل عام. ولا شك في أن الملتقى من الفعاليات الكبيرة التي شهدتها العاصمة، وله مردود على المثقفين والثقافة، لكنه بحاجة إلى التفاتة أشمل، وبحاجة إلى رابط ثقافي ينمي هذا المصطلح السردي الجميل، باعتبار التنمية الثقافية من العوامل المهمة، وبتشكيلها تحظى سائر الحياة الثقافية والتركيبة المجتمعية بالنماء. نحن متفائلون، وفي انتظار ما سيتحقق عن الملتقى من مخرجات عملية ونيرة تصب في مصلحة السرد في هذه المنطقة التي لطالما كان السرد جزءاً من ذاكرتها وثقافتها.