في جدة عروس البحر الأحمر، وفي لقاء العميدين الإماراتي والسعودي، وعلى مشهد من 40 ألف متفرج متحمس من عشاق الاتحاد، كان الموج الأزرق عالياً، وكأن «نصر زمان» قد عاد، نصر الثمانينيات ولابولا والشيخ مانع ونصر الأمجاد، وفي ملعب الجوهرة، وفي ليلة طرز بها نور القمر شط البحر نصف الشهر، كانت الروح هي كلمة السر، وكانت «جدة كذا، نصر وبحر». الروح القتالية قادرة على صنع المعجزات وفعل الأفاعيل، وهذه «الجرينتا» قادرة على تحقيق المستحيل، امتلك النصر هذه الروح، فنزل إلى ملعب الجوهرة بكل شجاعة لمواجهة الاتحاد حامل اللقب الآسيوي مرتين، الفريق الذي قد يتراجع ويتقهقر محلياً، ولكن عندما يكون الحديث عن مسابقات القارة فهو أكثر الفرق السعودية نجاحاً وتمرساً، في آسيا يصبح «الإتي» منافساً شرساً ونمراً مفترساً. ولم تكد تمر 40 ثانية حتى كان البرازيلي نيلمار يفتتح التسجيل للأزرق، هدف زالت به الرهبة، وتحرر به اللاعبون من الضغوط، لذا حتى بعد تعادل الاتحاد لم ينكمش النصر، بل كان نداً قوياً وحافظ على أقصى درجات التركيز، حتى جاء التعزيز، وجاء هدف الفوز من نيلمار. تألق النصر عندما وضع اللاعبون في أذهانهم أهمية المسابقة، ورموا خلف ظهورهم التراجع غير المبرر في البطولات المحلية، حيث لم يحقق الفريق أي فوز في المباريات الأربع الأخيرة في الدوري، وخرج من مسابقة الكأس، واليوم آسيوياً يتصدر النصر مجموعته وبات يتحكم في حظوظه، ولكن الأهم أن يقتنع اللاعبون أنهم لم ينجزوا المهمة بعد، فلا تزال هناك 3 مباريات متبقية، و9 نقاط كافية لقلب الموازين. وشاءت الظروف أن تقام المباراة في نفس اليوم الذي صدر فيه قرار سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رئيس نادي النصر، بتكليف حميد الطاير أحد أبرز القيادات الرياضية الشابة في الفترة الماضية برئاسة مجلس إدارة شركة كرة القدم، فكان أشبه بالفأل الحسن، وعاد عميد أنديتنا من جدة بالنقاط الثلاث وفوز صعب ومهم، يضاعف من قيمته أنه كان بأداء وروح وفي ملعب المنافس. وما يجعل الفوز أجمل، أنه لم يأت بضربة حظ، ولكن بعدما كان النصر هو الأفضل، وما يجمله أكثر، أنه جاء على حساب فريق الاتحاد الكبير ومن عرين النمر، ومن جوهرة الملاعب في عروس البحر الأحمر، وأمس الأول، تغيرت مؤقتاً مقولة المرحوم الأمير عبدالله الفيصل، وأصبحت بتصرف: «جدة كذا، نصر وبحر».