في المرحلة المستبدة، وفي خضم الظلامية والعدمية والعبثية، نحتاج إلى الفكر المستنير، يضيء ما انطفأ ويوقظ ما انكفأ، ويعيد الورد المتناثر إلى باقته وياقته وأناقته ولباقته ولياقته، ويدحر من انشق وتشقق وتفتق وترتق وتمزق وتفرق، ويذهب بالحياة إلى المعالي، كما ويعيد ترتيب وتهذيب وتشذيب البيت الإنساني بالشكل الذي يحتاجه الإنسان كي يحفظ توازنه وزمنه وأمنه وطمأنينته. صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، خلال حديثه عن المخطوطات والوثائق، أكد أن مواجهة أي أفكار ظلامية وهدامة ومشوهة للتاريخ والحضارة الإسلامية، لا تأتي إلا بالفكر الحضاري، هذه الدعوة السامية من قائد فذ، أسهم كثيراً، وبجد وصدق وإخلاص، في إضاءة منازلنا الثقافية، تضع المعنى في حياض الأثر والتأثير، وتصب في بوتقة الحلم البشري، وتعطي حقنة جديدة في الجسد الكوني كي يرفع الناس عن كاهلهم عذابات الغبن، والانسحاق تحت سياط من ظلموا وقهروا وتسببوا في إطاحة الآمال والأمنيات، نعم نحن بحاجة ماسة إلى عهد تنويري يزيح عن عيوننا غشاوة الذين أغشوا وغشوا وشوشوا وشوهوا وعششوا وشيدوا خيام البؤس والرجس والنجس عند كل ناصية وزقاق، هؤلاء المهرولون باتجاه الفراغات اللامتناهية، لا يمكن إسكات ضجيجهم إلا بالفكر المضاد والعقل الناهض باتجاه حياة نظيفة عفيفة، رهيفة منيفة خالية من درن القيم البالية والأفكار المتعالية وصرعات الدعاوى الشائهة. نحن بحاجة إلى مثقفين يرتفعون بالإنسان عند شغاف النجوم وهامات السحاب، لكي يضيئوا طريقنا، ويمطروا على أراضينا، فيزهر النهار، وينبت عشب التألق والحضارة بمنجزاتها الراقية. نحن بحاجة إلى علماء ومفكرين، ثقات يتصدون لهذا الغث وهذا الرث من المنتجات المتخلفة ومخلفات عصور الصنمية والأوثان.. نحن بحاجة إلى عالم جديد يجدد خلاياه ويدفع بالتي هي أحسن وأجود، ويجود في تعافيه مع الآخر، ويجيد قيادة العربة الإنسانية كي لا تعطب ولا تنكب ولا تهرب إلى مسارات الانحراف والانجراف في مهاوي الردى. كلمات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي تكفي لأن تكون وثيقة عمل وطني، نسير على ضوئها ونهتدي برؤاها، لنحقق مجدنا وسعدنا، ونحمي مهدنا من غثيان من أصيبوا بدوار المراحل المترهلة، ومن عانوا روماتيزم الفكر وأنيميا العلاقة ما بين الإنسان والإنسان، كلمات سموه مرسوم ثقافي عقائدي يستحق التأمل للسير على هديه، والاقتباس من نوره، والعمل على تنفيذه ليبقى شجرة عملاقة لا تطالها إلا أجنحة الطير المعافى من درن الكسل والملل.