يوم الجمعة كان يمكن أن يكون تاريخياً للعرب، لو عرفوا كيف ينسّقون بين بعضهم بعضاً، وعرفوا كيف تؤكل كتف رئاسة «إمبراطورية الفيفا» التي تضم أعضاء يفوقون المنضمين لهيئة الأمم المتحدة. شخصياً، تابعت الانتخابات عبر شاشات التلفزة العربية والعالمية، وأحسد زميلي محمد البادع الذي كان في قلب الحدث، وداخل مطبخ الانتخابات والتكتيكات التي أوصلتنا إلى أن نسمع تصريحات قبل 18 ساعة من لحظة الحقيقة أن النتيجة محسومة للشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة. وعندما انتهت أول جلسة اقتراع كانت الصدارة لإنفانتينو بـ88 صوتاً، مقابل 85 صوتاً للشيخ سلمان، و27 صوتاً للأمير علي بن الحسين، و7 أصوات للفرنسي شامبين، وكلهم رفضوا الانسحاب، فكانت الصاعقة في الجولة الثانية، بينما كان الجميع يتوقعون جولة ثالثة حاسمة. فالأصوات الـ27 التي نالها الأمير علي بن الحسين والسبعة التي نالها شامبين ذهب 27 منها لإنفانتينو و3 فقط للشيخ سلمان، ولو نسق المرشحان العربيان لربما كان للرئيس هوية أخرى، فما ناله الاثنان معاً في الجولة الأولى كان 112 صوتاً، ولكن غياب التنسيق، وحتى تصويت بعض العرب لإنفانتينو، غيّر كل المعادلات، وقلب كل التوقعات. في لعبة الانتخابات كل شيء وارد، و«تربيطات» الثواني الأخيرة قادرة على قلب المعادلات رأساً على عقب، وما أذهلني عبر «تويتر» هو أن الغالبية من المغردين العرب كانوا لا يحبذون فوز عربي بالكرسي، علماً بأن إنفانتينو ليس «جهبذ زمانه»، ولم يكن لاعباً شهيراً مثل مارادونا أو زيكو أو زيدان ولا رئيساً لاتحاد قاري، بل كان موظفاً في الاتحاد الأوروبي، أميناً عاماً له، ولفترة ليست بالطويلة، ولكن قارته وقفت معه بحزم ووظفت كل علاقاتها، من أجل رجلها على العكس، مما حدث في آسيا وأفريقيا التي قيل إنهما متحدتان خلف الشيخ سلمان، وهو ما بدا واضحاً أنه غير صحيح كلياً، وأن اختراقات كبيرة حدثت في القارتين، وأيضاً في الأصوات العربية. المهم أن ما حدث قد حدث، والأهم أن نبني عليه، ولكن الغالب أننا لن نبني على ما حدث، وأتوقع ولا أتمنى المزيد من الانقسامات «الكروية» العربية والآسيوية، لأنه يكفي ما خسرناه حتى الآن. مبروك لإنفانتينو ومبروك للعرب وجودهم في ساحة ديمقراطية عالمية حتى لو خرجوا خاسرين.