هل تستحق كرة القدم أن تخسر نفسك؟ أن تضحي بأقرب أصدقائك؟ أن تفرط بقيمك وأخلاقك؟ أن تنسى ما علمك إياه أبوك؟ أن تخالف ما جاء في دينك الحنيف؟ إذا كانت الإجابة على أي من الأسئلة السابقة «نعم»، فلا تكمل قراءة المقال، ولكن أنصحك بزيارة أقرب عيادة للطب النفسي فربما تجد لديها العلاج. التعصب عنصر أساسي في تركيبة كرة القدم، ولولاه لما كانت هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم، ولا يمكن أن نتخيل كرة القدم من دون تعصب الجماهير، «نعم للتعصب» ولكن في حدود الأدب، «نعم للتعصب» إذا كان في إطار اللعبة ونطاق الملعب، أما الشتائم والسباب والتملص من القيم والعادات وتعزيز ثقافة الكراهية، فهو ليس بتعصب مذموم وحسب ولكنها نكسة أخلاقية. نحن العرب متعصبون بالفطرة، نردد دائماً «خير الأمور أوسطها» ولا تتجاوز الكلمات شفاهنا، بل نخالفها في كل شؤون حياتنا، تجدنا بين خيارين، أقصى الشمال أو أقصى اليمين، وفي الواقع لو لم يكن التعصب موجوداً على هذه الأرض لاخترعناه، أخذنا من الغرب كرة القدم كلعبة فقط وكقوانين، ولم نأخذ منهم ملحقاتها، وتعلمنا منهم الفرح عند الفوز، لم نتعلم منهم الرضا والقبول وقت الخسارة. كنا في الإمارات ننظر إلى ما حولنا، ونقول الحمدلله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا، واليوم بدأ التعصب المذموم يتسلل إلى ملاعبنا، وبدأنا نرى مشاهد لم نألفها سابقاً في مدرجاتنا، وأصبحنا نستمع إلى هتافات دخيلة على آذاننا، وفي مواقع التواصل الاجتماعي انسلخ البعض من أخلاقياتهم، وانحدر لديهم مستوى الخطاب، وتحول التعصب إلى كراهية وشتائم وتنابز بالألقاب. علينا التصدي لهذه السلوكيات الخاطئة، ومحاصرة المرض في بداياته، وعلينا استئصال الورم قبل أن يتحول إلى سرطان قاتل، وعلى الجهات المختصة التحرك قبل فوات الأوان، ومراقبة ما يحدث في المدرجات وفي وسائل التواصل الاجتماعي من رسائل لا تليق بنا، ومعاقبة المخطئ دون الانتظار للشكوى، وإعادة الأمور إلى نصابها ولو بالقوة. الخسارة ليست نهاية المطاف، ولا الفوز، فكرة القدم لعبة جميلة، إثارتها في تقلباتها، وفي أوروبا التي استوردنا منها اللعبة، ورغم سخونة المنافسة وقوة المباريات، تجد المشجعين الخصوم يتجاورون في المدرجات، لذا قبل أن تحاول إيلام منافسك بأقذع الشتائم وأشد العبارات، تذكر أنه مجرد جلد منفوخ، وتذكر أن هذا لا يحبه زايد، . وتذكر أنك وهو تنتميان الى دولة الامارات .