بعض المضحكات مبكيات، وأصدق الكلام غالباً ما يقوله الصغار، الذين من المفترض أنهم في عهدتنا.. نحن الأمناء والحراس عليهم، وفي الحقل الرياضي، مطلوب منا أن نبني الجسم والعقل معاً.. نحن أهل الثقة وأهل التخصص، وندري ما نفعل ونفعل ما ندري.. أما أن تمضي الأمور دونما اكتراث ولا اهتمام ولا علم، فهنا لا بد أن ندق ألف ناقوس للخطر. في جولة لقناة الشارقة الرياضية بملاعب الناشئين، سأل المذيع بعض الصغار عن نتيجة مباراتهم، فأجابوه في صوت واحد تقريباً بأنهم لم يكونوا «زينين» والسبب كما جاء على لسانهم أن المدرب قادهم في تدريب جماعي لأكل المندي.. نعم أكلوا مندي قبل المباراة.. بالله عليكم كيف سيلعبون، وهم يجرون أنفسهم جراً.. كيف يلعبون وهم متخمون.. الأولى بهم أن يناموا لا أن يلعبوا. لست في معرض الكتابة عن تغذية الرياضيين ولا الناشئة، كما أنني لست متخصصاً، لكن الواضح أن الأمور في قطاعات كثيرة تدار عبثية، والواضح أن «المندي» هو عنوان كبير، مرفوع في دهاليز شتى.. «المندي» عنوان لعدم التخصص أياً كان.. عنوان للاستسهال والادعاء وإسناد الأمر إلى غير أهله.. ليس لطعام المندي في حد ذاته ذنب ولا دخل، لكن المؤكد أن الملعب ليس مائدته ولا مكانه. الفارق بيننا وبين دوريات كثيرة، هو العلم، سواء في التدريب أو القياسات أو الأحمال أو التغذية، وحينما حاولت أن أعرف ماذا يأكل الرياضيون والناشئون بالذات، هالني ما قرأت وما رأيت، فالأمر أشبه بمعادلات حسابية معقدة.. كل وزن له ما يأكله وما يشربه، والأمر يتوزع بنسب معينة وليست اعتباطية، وكل لعبة سواء أكانت فردية أو جماعية، تحتاج إلى غذائها الخاص، فلاعب السباحة القصيرة يحتاج إلى سعرات حرارية، تختلف عن سباح المسافات الطويلة، ولاعب الجمباز له نظامه الخاص، وألعاب القوى أقل قليلاً، والمطرقة والرمح أعلى قليلاً، والألعاب الجماعية لها ما يشبه «البروتوكول» الخاص، لأن فترات الوقوف طويلة، ويحتاج اللاعب إلى غذاء يتحول إلى طاقة كيميائية تسمح بانقباض العضلات بسرعة وفي أقل وقت.. وآخر وجبة قبل المباراة تسبقها بثلاث ساعات، وغيرها من الأمور المذهلة التي تجاوزها العالم وحفظها وعرفها، وحتى العالم النامي في أفريقيا ودول كثيرة حولنا بدأت في هذا الطريق؛ لأنه السبيل إلى رياضة حقيقية يكون لها مردود.. أما رياضة المندي و«المجبوس»، فهي السبيل لما ترى.. للبقاء في المكان ذاته، وربما للعودة إلى الخلف. أولادنا هم أغلى ما نملك، والمؤكد أنهم يستحقون الأفضل في كل شيء.. وبناؤهم ليس بالمهمة السهلة ولا المستحيلة.. نحتاج فقط إلى أمناء من أجل سلامة البناء. كلمة أخيرة: ما يبني هو ذاته ما يهدم.. الفارق في الحالتين قرار