الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش» في ليبيا.. تحد للعرب والغرب!

7 فبراير 2016 07:34
توصل اجتماع للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» يوم الثلاثاء الماضي في روما إلى نتيجة قاطعة، وهي أنه يتعين عدم ترك ليبيا لتصبح قاعدة جديدة لذلك التنظيم الإرهابي. ولكن من غير الواضح حتى الآن ما يجب فعله تحديداً لمنع تلك الدولة الغنية بالنفط القريبة من أوروبا من أن تصبح سوريا أخرى. وقد تعهد الأعضاء ببساطة بأن «يراقبوا عن كثب» الأحداث في ليبيا. وهذا القرار لا يمثل بالضرورة افتقاراً إلى الإرادة أو الشعور بإلحاح المهمة، ولكن لعل سببه الافتقار إلى خيارات جيدة. ففي فترة ما بعد «الربيع العربي» لم يعد الغرب يستطيع الاعتماد على أنظمة مستقرة في بعض تلك الدول، وإن تكن أنظمة قمعية، كأدوات لتنفيذ السياسة الخارجية. ومأزق ليبيا يشير إلى مشكلة أوسع في أنحاء أخرى من الشرق الأوسط. فقد اختفت المواقع والأطر التقليدية التي كان يسهل من خلالها تدخل المجتمع الدولي، مما جعل الغرب يبحث عن نموذج جديد. ومع عدم وجود حكومة في السلطة في ليبيا، وتناحر الفصائل على النفوذ السياسي والموارد، فهذه الأطر والمواقع الجديدة ما زالت غير واضحة. وترى «كاثرين تسيمرمان»، الخبيرة في الإرهاب في معهد «أميركان إنتربرايز» في واشنطن، أن المراقبة ليست طريقة جيدة لمكافحة الإرهاب: «ولكن في الوقت نفسه خيارات التحرك في ليبيا ليست سهلة ولا واضحة... ودون حكومة مسؤولة أو دولة للعمل معها فإن أي تدخل من المجتمع الدولي قد يغامر بالعمل في صالح داعش وتعزيزها»! وللمجتمع الدولي القليل من الأمثلة، إن وجدت أصلًا، للنجاح في التدخل في بلد مسلم فيه حضور متزايد للإسلاميين المتطرفين. ولكن إحدى القواعد الأساسية بالنسبة للغرب بخاصة هي ضرورة اتخاذ إجراءات لدعم حكومة وطنية. والمشكلة تتمثل في أن ليبيا ليست فيها حكومة إجماع بل فصيلان متناحران كان من المفترض وفقا لقرار لمجلس الأمن الدولي في ديسمبر الماضي أن يكونا قد شكلا حكومة وحدة وطنية الآن. وقد ذكرت «تسيمرمان» أن هذه الحكومة تم تشكيلها ولكنها لم تحل محل الفصيلين الرئيسيين مما يعني أن ليبيا فيها ثلاث حكومات تتسابق على السلطة! و«داعش» ينتهز فرصة فراغ السلطة في ليبيا لتوسيع السيطرة فيما يتجاوز معقله في مدينة سرت المطلة على البحر المتوسط. وأكدت «تسيمرمان» أن مقاتلي «داعش» استولوا الأسبوع الماضي على مدينة أخرى على الطريق الرئيسي بين سرت ومصراتة، وفي الأسابيع القليلة الماضية وضعوا أعينهم على منشآت النفط. وهذه المخاطر المتفاقمة لوجود «داعش» أشاعت شعوراً قوياً بعدم الجدوى في عواصم تمتد من القاهرة إلى باريس، وجددت المطالبة باتخاذ إجراءات استباقية قبل أن يرسخ «داعش» جذوره أكثر ويصعب اقتلاعه. ويعتقد «آدم شيف»، العضو الديمقراطي البارز في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، أن الولايات المتحدة لا تتمتع بترف الإحجام عن التحرك، لأن التقاعس قد يؤدي إلى قيام «منطقة تحكمها في واقع الحال داعش في ليبيا». وأضاف أنه يفضل العمل إلى جانب حكومة وطنية، ولكن التأخر في التحرك لن يفيد إلا «داعش». ويرى أنه يتعين السير في طريقين، هما الضغط الدبلوماسي على القيادة الليبية، والعمل العسكري ضد «داعش» هناك. وقد اتخذت الولايات المتحدة بعض الإجراءات ضد «داعش» في ليبيا، حيث أعلن البنتاجون في ديسمبر الماضي عن مقتل قائد مهم في غارة جوية في نوفمبر في مدينة درنة. وفي الأسبوع الماضي أعلن «بيتر كوك»، المتحدث باسم البنتاجون، أن «هناك قوات أميركية على الأرض في ليبيا تحاول إجراء اتصالات مع القوى القائمة». وذكر «كوك» أن الهدف من هذا هو محاولة تحديد القوات «الجديرة بالدعم الأميركي» عندما يحين القتال ضد «داعش» في ليبيا. وتعتبر ليبيا مصدر قلق أكبر بكثير بالنسبة لأوروبا. ويرى «لورانس كورب»، المسؤول السابق في البنتاجون والخبير الحالي في السياسة الدفاعية في مركز التقدم الأميركي في واشنطن، أن أي ائتلاف أساسي سيأتي على الأرجح كمبادرة أوروبية. ويؤكد «كورب» أن تحقيق «داعش» لمزيد من الحضور «قد يدفع الأوروبيين للقيام بشيء». وقد نفى فيليب هاموند، وزير الخارجية البريطاني، يوم الثلاثاء الماضي تقارير تشير إلى أن بريطانيا تعد لإرسال ألف جندي إلى ليبيا. ولكنه أكد أن لندن مستعدة لتقديم أسلحة وصور أخرى من الدعم بمجرد تشكيل حكومة وحدة وطنية. ولكن «كورب» و«تسيمرمان» يتوجسان من احتمال أن يؤدي التدخل الغربي في ليبيا إلى تعزيز موقف «داعش». وقد تساءل «كورب» عما إذا كان التدخل «سيجعل الحرب الأهلية في ليبيا تتفاقم... وهل سيؤدي هذا إلى مفاقمة خطر داعش بدلاً من عرقلة تمددها؟». * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©