ظلمنا النعامة بالحديث المعاد عند وصف كل متخاذل أو متراخٍ بأنه مثلها يخفي رأسه في الرمال إذا ما استشعر الخطر، وهي قطعاً لا تفعل ذلك، لكننا من يفعل ومن يبرر ومن يختلق الأعذار دوماً، ولا يفضل الحقيقة إلا إذا كانت لصالحه. منذ أيام، تابعت قضية كنت أتابعها بيني وبين نفسي لأيام، وتتعلق بدوري الدرجة الأولى الذي بتنا نخشى عليه من «الذوبان»، بعد أن وصل عدد الأندية فيه إلى تسعة أندية، وهو رقم ضئيل، ليس فقط لأن هذا الدوري هو الامتداد الاستراتيجي لدوري الخليج ولعالم الكبار، ولكن لأن التقلص والشح ينبئ عما اعترى الكرة لدينا من جفاف في المنبع، وهذا النبات اليانع في الأعلى ليس على حقيقته.. في الدوري الثمرة لا تأتي فقط على الأغصان، وإنما في الجذور أيضاً، والواضح أن دورينا وإن بدا يانعاً، فإن جذوره أصابها شيء. في قضية دوري الأولى، تعددت الآراء، وارتكزت في اقتراحين، إما أن نستجدي الأندية الستة المنسحبة حتى تعود مع دعمها مالياً لتستمر، وإما أن نضيف دوراً ثالثاً على مسابقة الأولى لنزيد من عدد المباريات ليس إلا، وكلا الاقتراحين من وجهة نظري، هما أساس أسطورة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال، وهي من ذلك براء، فاستجداء السداسي ودعمه يعني أنه من الأولى دعم التسعة المثابرين، والدور الثالث هراء في هراء، وأضراره أكثر من فوائده، وهناك رأي ثالث بزيادة أعداد الهابطين من دوري الخليج، ولو حدث ذلك ستزداد المعضلة وسيدفع دوري المحترفين المزيد من الثمن. أعتقد أن كرة الإمارات بحاجة إلى نظرة أكثر شمولية، وإلى حلول مدهشة وغير تقليدية، واستدعاء الشركات والهيئات أو تحفيزها لدخول عالم الكرة قد يكون حلاً يؤتي ثماره على المدى الطويل، وحولنا تجارب في بعض الدول العربية لا بأس بها ساهمت في ثراء اللعبة، حيث أصبحت هناك أندية باسم شركات تستطيع المنافسة وأيضاً الفوز بالألقاب. نحن لدينا في الإمارات شركات عملاقة لها صفة العالمية، وتدعم أندية خارج الحدود بمئات الملايين، ولدينا مواهب تحتاج إلى من يأخذ بيدها، ولا يمكن أن نترك أكبر مسابقاتنا الرياضية بهذا الشكل، ولا خط إمدادها بهذا الجفاف. كلمة أخيرة: لماذا لم يتحدث أحد عن تخفيض أندية دوري الخليج.. أعتقد أنه الحل المثالي الأقرب.