في خلوة البيت الواحد، شجرة وارفة الظل، تظلل الناس أجمعين، هي الفكرة، هي العبرة، هي الخبرة، هي السهر على وطن من أجل أن يكون مسترخياً على أريكة النعيم، ومن أجل أن يكون متآخياً متصافياً متوحداً في الكلمة، متحداً في العطاء، متسامياً في التعاطي، مع ما تبديه الطبيعة من تغير وتطور. في خلوة البيت، اللغة واحدة، والمنطق واحد، والرؤية واضحة، والرأي صريح، والحلم بحجم الطموحات والإمكانيات والقدرات، والوطن يد تمتد وشراع يفرد أجنحة البياض، وسارية ترفرف كأفراخ الطير، عند هامات النجوم، والحب سحابة تمطر الأفئدة بنثات وحثات وثبات، وبثبات الخطوات تسير السفينة في محيط العالم في قارات الحياة آمنة مطمئنة. في خلوة البيت، وجهان بقلب واحد، ورؤية واحدة، وفكر واحد، ويشيران إلى الأفق أن مجد الإمارات مرهون بإرادة أبنائها، ومستقبل الأجيال القادمة بين يدي، جيل آمن أن الحياة صدق، وأن الحياة إخلاص، وأن الحياة تفان وتضحيات من أجل واقع لا تشوبه شائبة ولا تعكر صفوه خائبة. في خلوة البيت، عند صحراء الوعد الجميل، عند هامة الكثيب، يبدو الرمل مثل أمواج توشوش وتفضي إلى الأسماء سر النهضة في هذا الوطن، وبِرْ الأبناء لأرض هي الأم، وهي القامة الشّم. وفي خلوة البيت، يجتمع النجباء، لأجل وطن نجيب، يأتلف النبلاء لأجل وطن نبيل، والأرواح شغوفة لهوفة لتحقيق الآمال، وإنجاز المكتسب، بفعل استثنائي يفوق التصور ويتجاوز حدود الوعي العادي. في خلوة البيت، تذوب الحواجز الرسمية، والروتينية الرتيبة، ويعلو صوت الفضاء المطلق ينطلق المنطق، والمشهد يزدهر بريحان العقول التي جاءت كي تبلغ السامع أنها هنا عند كثافة الجهد والاجتهاد، عند نكران الذات، والوصول إلى الآخر بقلب أشف من أوراق التوت، وأرواح كأجنحة الطير، هنا تبدأ المرحلة المتقدمة في العطاء، وثراء المعاني وغنى الدلالة، هنا الفريق الواحد، على طاولة البحث والصياغة، هنا تحت سقف السماء المسقوفة بغيمة المطر، تهطل الأفكار، وتوسع من حدقة العقل كي يكون العشب أخضر كاخضرار القلوب، كي يكون الخصب رائعاً كروعة العقول. في خلوة البيت، يبدو الصباح سخياً ثرياً، غنياً بالأمنيات، يبدو الصباح واحة عندها يخفق القلب لأن الوجوه مشرقة بالطاقة الإيجابية، كما هي خيوط الشمس الطالعة من أحشاء الكون، النابتة عند رمل الصحراء، المبثوثة كأحلام الكائنات المقدسة. في خلوة البيت، نشعر أننا نجوم تفرك أجفان الوجود، بشعاع التميز والتفرد، نشعر أننا غيوم تبلل الأرض، بالماء والبرد، نشعر أننا نملك الدنيا لأننا حظينا بقيادة استثنائية في العطاء، فريدة في التعاطي مع الآخر، هي قيادة الزمن الفريد والعتيد.