عبدالغفار حسين، السرد عند قمة التألق، وانثيالات اللغة واحتلاب الغيمة، السابحة في فضاءات التاريخ.. هكذا تجده، وهو يسرج خيول الجملة، محتدمة، وهي تساور الفكرة، وتثابر لأجل تلوين لوحة الوجود، هكذا تراه يراوغ موجة التاريخ، يناوشها، يشاغبها، يباغتها مصطاداً غزلان المعرفة الموسوعية بجدارة واقتدار، هكذا تقرأ محياه، الحالم بأنشودة بحرية، ربما ضاعت في صولة الزمان والمكان، ربما حطّت عند شجرة غاف في منتصف الطريق إلى رمال الوعي. عبدالغفار حسين، العاكف على قراءة ما بين سطور الواقع، الطارف بجفن الطائر المحدق في أتون وفنون، وشجون وشؤون المعنى كثيراً بما تبديه، أجنحة الفراشات في بستان الفكر والاحتفال بهيج في أطوار وأدوار وأسرار الكون المعرفي، فتقضي لحظة أو دقيقة، أو دهراً، في قراءة ملامح الموجة، أو تلاوة شيء من آيات الوضوح الساهر على شفتي محدثك، لكنك لا تشيح وجوماً، لأنك أمام قامة الزمن الجميل، لأنك في حضرة الوعي المتحدر من جزر الإبداع الأزلي، يأخذك معك ومعه، إلى أبدية الحلم، إلى سرمدية السلام النفسي، إلى جذل وبذل الطيور عند سواحل اللهفة. عبدالغفار حسين، ليس شخصاً عادياً، ولا هو في لحظة السكون سوى تشظي الأنساق في الأعماق، وانسكاب الفكرة في العِبرة، وطيف الزمن يحث الخُطى باتجاه ما اختمر، وما اعتمر، وما ازدهر، وما أثمر، وما أزهر، وما أبهر، وما طور، وما عمر، وما سور، وما جذر.. عبدالغفار حسين، النخلة التي حلقت بأجنحة المساءات الحالمة، والفكرة التي تسامت والنجوم، فأعلنت السهر على نثاث الغيوم، والسماء تحرس الكلمات، تطورها، وجداً ووجوداً، السماء وحدها تنثر النجوم على اللفظ والمنطق، فتشع وهجاً ولهجاً، فتملأ وعاء القلب في الضمة والفتحة والسكون، في جنون الحب، والانتماء العريق لتراب الكلمة وترائب الحكمة. عبدالغفار حسين، نخوة الجدل، وصبوة الجداول، هو في حبر الأسئلة المكانة، والرزانة، والأمانة، هو في بياض الكلمة، مسافة ما بين النعمة والنغمة، هو الوتر الساهر على موال البحر، وشلاَّت الرمل الأصفر، هو لا يكون إلا هو في حضرة البحر والشجر، واستقامة الأغصان والأزمان، هو لا يكون إلا هو، في مثول الكلمة، ساعة اللظى وابتهالات العبارة وخشوعها. عبدالغفار حسين الشخصية النموذج والمثال، وقدوة الأجيال، في عصامية النحت على رمل وأمل، هو المدى والمد والمدد، لثقافة الصحراء ونثر البحر، وشعرية الوجود المتجدد في الخلايا، والنوايا، والمزايا، والثنايا، والطوايا، والسجايا، هو سحابة المعرفة، ونبضه الفلسفة، هو السفر الطويل في محيط التاريخ، هو اللحظة الزاهية.