هو ليس ما كانت تقوله شهرزاد لشهريار، فحتى ذلك كان ما أباحه السيد في حضور «السياف»، لكنني أعني الكلام المباح لكل منا، في غير شؤون الحياة و«السوالف».. أعني أنه ليس علينا أن نكون خبراء إلا فيما نعرف ونجيد، لكن الأمور هذه الأيام تبدلت وتغير حالها، وإنْ أردت أن تتأكد فيكفي أن تكون في مقهى وتتحدث عن مرض ألم بك.. سيتحول كل الجالسين إلى أطباء، وستخرج بمائة وصفة لمرضك.. كلها مجربة ومضمونة. أما لماذا أتحدث عن ذلك، فالسبب هو الخلط الذي يحدث ويتكرر كثيراً من شخوص الساحة الرياضية، والذين يتحدثون عما يعلمون وما لا يعلمون، فالإداري يجنح إلى الحديث عن الفنيين، والمدرب يتحدث عن الإدارة والدعم المادي وهل يكفي أم لا يكفي، ومع اتساع الدائرة، يتحدث المشجع عن أخطاء المدرب في التشكيل وفي التغيير، ولو أخرج فلاناً لفاز، ولو وضع اللاعب هذا في ذاك الجانب لتفوق، ومع الرضوخ لهذا «السطو» على تخصصات الآخرين، ربما أصبح ذلك سبباً في احتقان الجماهير وزيادة حدة التوتر أحياناً بين أطراف المعادلة الرياضية أو الكروية على وجه التحديد. نحن أيضاً.. هنا في تلك الصفحات أو هنا في تلك الزاوية، نتحدث في شؤون شتى واختصاصات متعددة، ولكن هذا دورنا الذي درسناه نقداً وخبراً وحواراً وتحقيقاً.. هذا هو دور «المرآة» الذي من المفترض أن يغنيك أنت عن تقمص كل الأدوار وادعاء العلم ببواطن الأمور. جولة سريعة في تصريحات المسؤولين، كبروا أو كانت مسؤولياتهم محدودة، ستكتشف هذا الفخ، وإنْ لم تدر هل وقعوا فيه باختيارهم أم رغماً عنهم، وأعتقد أنهم ذهبوا إليه بكامل إرادتهم، فلا تزال ثقافة «التكويش» والحصول على أكبر عدد من المناصب في مسمى واحد تغرينا، ومن أجل ذلك نتناسى أدوارنا التي نقوم بها على مسرح كل ما فيه يؤدى للمرة الأولى دونما تدريب أو بروفات. هذا لا ينفي الاجتهاد أو المعرفة، ولكن ذلك يحتاج إلى فترة من التعلم والتخصص، يصبح المرء بعدها مهيئاً للحديث عما يحبه، ولم يكن يجيد فنياته من قبل. ليس بالأمر الهين أن يتحدث كل فرد عما يعمل فيه فقط.. لو تحقق ذلك ستختلف أمور كثيرة.. على الأقل سنصدق من يقول أو سنعمل بما يقول.. عندما تصبح كل الأمور في عهدة من يجيدون ويعرفون، سننجزها على أكمل وجه. كلمة أخيرة: أحياناً.. تكون كل نواصي المعرفة والحكمة في أن تصمت