من كان يتخيل أن الدولة الرئيسة في محور الشر، تصبح الآن المنطقة الخضراء المعشوشبة بحب بعض دوائر الغرب نقول لا غرابة في ذلك، فهذه هي براجماتية وليم جيمس، وهذه هي سياسة الغرب التي تشبه تيّارات البحر، فمرة بالمدْ وأخرى بالجزْر. ولكن ليس المهم كيف يكون الآخرون وإنما المهم هو نحن. ونحن بالمنطق، خندقنا وأفقنا، ونسقنا، وعمقنا وحدقنا، هي الرياض، ولا خيار إلا خيار الوقوف صفاً واحداً، وكتفاً بكتف، ضد كل من يريد أن يعكّر الصفو ويصغر الحجم، وينهض وينعق ويشهق، فالمملكة العربية السعودية هي البعد الاستراتيجي لمنطقتنا، وهي المد والمدد وهي السد، والصد، والسرد، ومن يفكر في غير ذلك، فإنه يلقي بنفسه بين فكي الشيطان، ويسير باتجاه العدم . فالإمارات عندما اختارت الوقوف بحزم وعزم وجزم مع السعودية في مواجهة إرهاب الحوثيين، كانت على ثقة بأنه لا مجال للتردد في مواجهة وكلاء إيران في اليمن، ولا مناص أبداً في الهبة الواعية، لقطع دابر الطائفيين والعرقيين والشوفينيين، كان نداء المصير الواحد، وحرقة الدم، وجلجلة التاريخ، كل ذلك استوجب الوقوف إلى جانب السعودية، لأن العدو واحد، ومن يهدد السعودية، فهو يمهد لاعتداءات أشمل، ونحن أدرى من غيرنا بمآرب إيران كونها البلد المحتل لجزء من ترابنا العزيز. إذاً لا يهمنا ما يقوله كتاب الغرب، ولا يعنينا هذا الهذاء وهذه الهرطقات لأننا نعلم علم اليقين أنها لم تأتِ من دلائل وثوابت بقدر ما هي تنبثق من ارتجافات المرحلة، وتقلب المصالح، فعندما يصبح الشيطان ملاكاً، ويصير المجرم ضحية، فإنه من المناسب جداً أن نطلق على هذه التصرفات، أنها مجرد انثيالات عاطفية تمليها شركة علاقات عامة، مفادها الكيل بمكاييل عدة، ومعايير عدة، ومقاييس عدة، ونحن كعرب لنا مقياسنا، ومعيارنا، والذي هو ضميرنا الإنساني المستمد من أخلاقنا الإسلامية التي تدعونا أن لا نقبل بالظلم من أي كان، وألا نجيز الافتراءات ولا نتصالح مع من يصبو إلى القفز على مبادئنا وقيمنا، وتحطيم الثوابت، تحت حجج واهية، وأعذار متهاوية. فالوقوف مع السعودية، أمر حتمي، وطبيعي لم تمليه الظروف، وإنما هو نتيجة فطرية بما يجمع أهل المنطقة، الدين والدم، والتاريخ والجغرافيا. إذاً على إيران أن تغسل يديها من أي أوهام تاريخية، وعلى كتاب الغرب ألا تغريهم، «التقية» لأنها باطنية مقيتة تخفي تحت طياتها عدوانية لا تستثني أحداً «فإذا وجدت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم» فإيران منذ صراعها الإثني وحتى يوم يقبرون، ستظل بالعقلية العدوانية نفسها ولن تتغير. هكذا يحدثنا التاريخ.