تأجلت مفاوضات النظام السوري والمعارضة، ومشاورات الحكومة الشرعية اليمنية والانقلابيين إلى أجل غير مسمى – وهذا الترحيل المتواصل للمسارين السياسيين السوري واليمني يؤكد أن المسارين محكوم عليهما بالفشل، وأن الأمر لا يعدو كونه لعباً بعنصر الوقت، وأن الحل السياسي في سوريا واليمن يبدو في طريق مسدود ما دامت هناك قوى إقليمية ودولية تريد بقاء الوضع على ما هو عليه بهدف استنزاف المنطقة العربية وإدخالها في صراعات لا تنتهي، تفضي في النهاية إلى التفكيك والزوال كما تحلم بذلك القوى الإقليمية والدولية، التي تحالفت على ما يبدو ضد الأمة العربية، ولا تنوي التراجع عن مخططها التدميري.. وهو المخطط الذي يساعد على استمرار كتيبة الخونة التي تنتسب زوراً إلى الأمة. لا توجد أي إرادة سياسية للحل السلمي في سوريا واليمن، بل في كل الدول العربية التي تضربها الأزمات، وتدفع بها دفعاً سريعاً إلى المجهول، وكل الجهود التي يقال إن مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة يبذلونها ليست سوى تفاهمات يتم التوصل إليها على الورق، لكن التطبيق على الأرض يكاد يكون مستحيلاً مع كثرة وتناقض المليشيات والأجندات في الدول المأزومة. والوضع في اليمن يبدو أسهل كثيراً من الوضع في سوريا، لأن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية أدرك اليمن بسرعة قبل الاندفاع إلى الهاوية والمجهول، وتمكن هذا التحالف القوي من تمزيق الأجندة الإيرانية، وتقليم أظافر صبيانها قبل استفحال الخطر، لكن الأزمة في سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات السيئة، كما أن الدور العربي في سوريا يكاد يكون غائباً تماماً، وحتى التحرك العربي الأخير نحو سوريا جاء متأخراً، بل ربما جاء بعد فوات الأوان. ويبدو الاعتماد على الحل السياسي في سوريا أو اليمن عبثياً إلى حد كبير، والمفترض أن يتركز الجهد، خصوصاً في اليمن على الحسم العسكري لأن الحوثيين والمخلوع لا يعرف عنهم أحد أنهم يلتزمون بعهد، أو اتفاق، وأن الحل هو إلزامهم بالحل السياسي بعد الحسم العسكري، وهزيمتهم النكراء ودخول الشرعية اليمنية إلى العاصمة. والحسم العسكري في اليمن لن يكون بعيداً بشرط ألا تراهن الحكومة اليمنية الشرعية على المسار السياسي المزعوم فقط، لأن التعلق بهذا المسار يعطي انطباعاً بأن الحسم العسكري بعيد، ويبعث برسائل طمأنة إلى الانقلابيين، الذين سيسعون بالتأكيد إلى محاولة تحقيق مكاسب على الأرض، ليلعبوا بها كورقة تفاوض في المسار السياسي. أما في سوريا فإن الحسم العسكري فيكاد يكون مستحيلاً، وبالتالي فإن الحل السياسي يبدو مستحيلاً، لأن التفاوض السياسي دائماً يستمد أوراقه من ميدان المعركة، وفي كل التعقيدات والأزمات الطاحنة التي تمر بها المنطقة فتّش عن إيران وعن الخونة الأعوان.