سادت حالة من التفاؤل في أوساط الجمهور بقرب السماح باستخدام وسائط التواصل والاتصال المجاني عبر الشبكة العنكبوتية أسوة بما جرى في بعض دول الجوار الشقيقة، ولكن سرعان ما تبدد ذلك التفاؤل مع الأنباء التي ذكرت أن هيئة تنظيم الاتصالات دعت موفري الخدمات إلى إعداد حزمة باقات خاصة بالأمر، يعني بالعربي الفصيح «المجاني لن يكون مجانياً» في عالم الحزمات والباقات الذي هو في مفهوم شركتي الاتصالات عندنا.. تحصيل إيرادات وتنمية موارد. وارتفعت الأصوات مجدداً، داعية لتمكين شركات جديدة لدخول سوق الاتصالات لإذكاء المنافسة الإيجابية التي تنعكس لصالح المستهلك من ناحية الارتقاء بالخدمات المقدمة وتوفيرها بأسعار مناسبة وبمستوى نظيرتها في المنطقة. ما لم يستوعبه جمهور المتعاملين انحياز «تنظيم الاتصالات» لجانب المشغلين لاستحداث باقات مدفوعة الثمن لخدمات هي أصلا مجانية من المصدر الرئيسي لها، ونعني تطبيقات الاتصال المجاني العالمية المعروفة، مما فتح الباب كذلك للحديث مجدداً عن ارتفاع رسوم وتكاليف الخدمات الهاتفية والإنترنت عندنا مقارنة بأسواق دول المنطقة. في السابق كان البعض يبرر هذا الارتفاع بأن السوق صغير، ربما كان الأمر كذلك قبل سنوات بعيدة خلت، ولكننا اليوم نتحدث عن سوق يتوافر فيه ما لا يقل عن عشرة ملايين مشترك، مع وجود أعداد كبيرة من المشتركين لديهم أكثر من خط هاتفي وأحياناً نحو ثلاثة خطوط في المتوسط. وبالتالي تتطلب تعاملاً ينسجم مع هذه المعطيات وديناميكية اقتصاد السوق القائم على حرية التنافس على المستهلك بتقديم أفضل الخدمات إليه وما يترتب على ذلك التنافس من مراجعة للأسعار ترضي المستهلك، وكذلك الشركات الموفرة للخدمات. نتمنى من «تنظيم الاتصالات» مراجعة موقفها من خدمات الاتصالات المجانية عبر التطبيقات العالمية المعروفة، لأن هذه الخدمات فرضت نفسها على الواقع، وقد اتجه كثيرون للاستعانة بتطبيقات كسر الحظر للوصول إلى تلك الخدمات، وبالطبع الأمر مخالف للقانون في نظر الهيئة التي تتابع عن كثب ما يجري في سوق الاتصالات، والذي بحاجة لتعامل أكثر إيجابية من موفري الخدمات نحو المشتركين الذين لا يطلبون أكثر من إعادة النظر في ارتفاع رسوم الخدمات مع محدودية الخيارات المتاحة أمامهم في ظل انعدام المنافسة بمعنى المنافسة عند وجود العديد من الشركات التي تقدم ذات الخدمات، ولكن في ظل سباق يسعى لتقديم الأفضل وبأسعار غير مبالغ بها أو فيها تجاوز.