كاميرا التصوير تلك الآلة الخطيرة، بها سحر، لها جاذبية ولها سر، بالنسبة لبعض المسؤولين في رياضتنا هي أشبه بالمغناطيس، ينجذبون إليها في ظاهرة محيرة عجز العلماء عن تفسيرها، فهم يميلون حيث مالت، ويعشقونها حتى الثمالة، دقق في الصورة تجد وجوه المعنيين بتطوير رياضتنا منشغلين فيها، فبالنسبة لبعض المسؤولين تكون الصورة هي الهاجس الأول والشغل الشاغل والعشق الطفولي، حتى تظن أحياناً أنك مطالب بحل مسابقة مجلة ماجد الشهيرة «ابحث عن فضولي». بعض المسؤولين في رياضتنا لا تكاد تشعر بهم على الإطلاق، فلا ترى لهم إنجازات ولا يتخذون قرارات، ليست لهم مشاريع أو مبادرات، لم أسمعهم في يوم يتحدثون عن رؤاهم الخاصة وأفكارهم التي من شأنها تطوير رياضتنا، تمنيت أن أشاهد إنجازاتهم فلم أجد سوى صورهم وابتساماتهم، فلولا تلك الصور التي لا فرق إن التقطتها كاميرات المصورين أو عصا «السيلفي»، لاعتقدت أنهم رابع المستحيلات الثلاثة، ليس لهم وجود مثل الغول والعنقاء والخل الوفي. بعض المسؤولين يعتقدون أن أدوارهم محصورة بالمراسم والتشريفات، يحضرون الاحتفالات، يقلدون الميداليات، يربتون على كتف الفائز ويقولون له «مبروك»، ويواسون الخاسر بكلمة «هارد لك»، ويختارون مكاناً مميزاً في زاوية التصوير وتتويج الفائزين، حتى لو اضطروا إلى مزاحمة اللاعبين، بعض المسؤولين كل إنجازاتهم العملية لا تتجاوز ابتسامة عريضة وتوزيع كؤوس وقص الشريط، أعانهم الله فليس لديهم وقت للتطوير والتفكير والتخطيط. بالأمس توج أحد الفرق بلقب بطولة محلية، وانطلقت مراسم التتويج، تدافع المسؤولون إلى الأمام، بحثت عن اللاعبين فلم أجد سوى «كنادير بيضاء»، و«كابتن» الفريق الفائز في منتصف الصورة يطل على استحياء، أما بقية اللاعبين فلم تعثر عليهم عدسة الكاميرا، سقطوا ليس سهواً، ولكن كان صعباً عليهم التواجد في كادر التصوير، بسبب كثرة المسؤولين وزحمة «الكنادير». يترك المسؤول الرياضي موقعه بعد عمر طويل للغاية، ليتفرغ لحياته الخاصة، ويغتنم الفرصة ليجلس مع أحفاده، يقص عليهم حكاياته، يروي لهم عن إنجازاته وبطولاته، فيخرج لهم ألبومات ممتلئة بالصور التذكارية، وحضور مناسبات، واحتفالات، والمشاركة في مراسم التتويج، وغداء عمل واستراتيجية على الورق و«برستيج»، ووعود وتصريحات كلها تبخرت في الهواء، ورصيد يقدر بمئات الابتسامات الصفراء، إنجازاتهم صور، استراتيجياتهم صور، أرقامهم بالصور، أما رياضتنا فلا شيء يذكر، فعندما تكون الرياضة عبارة عن البوم صور وعدسة كاميرا وأضواء، يتصدر المسؤولون الصفوف الأمامية وتتقهقر الرياضة إلى الوراء.