بعث صديق لي صورة للوحة بمناسبة إقامة فعالية عيد استقلال دولة شقيقة، ويبدو أن الخطاط ممن لا يفرقون بين «الغين» و«القاف» فكتب «عيد الاستغلال»، ولكنه دفعني للوقوف أمام حالة استغلال تمارس بحق الجمهور في أغلب المناسبات والفعاليات التي تتحول بالفعل إلى عيد لاستغلال إقبال الناس، بالمبالغة في أسعار ما يباع فيها أو في أثمان القيمة مقابل الخدمات المقدمة. أصادف في زياراتي للعديد من الدول الأوروبية مهرجانات وفعاليات وأسواق شعبية، وألاحظ الإقبال الكبير عليها من السكان والزوار والسياح على حد سواء، لأنك تذهل من الفارق في أسعار ما يباع ويقدم فيها، قياساً بالأسواق والمحال العادية مما يجعل مرتاديها ينتظرونها دائماً بصبر نافد. بل تجد شرائح من فئات المجتمع هناك ترجئ مشترياتها انتظاراً لهذا المهرجان أو ذاك. عندنا وبدون استثناء في المهرجانات والفعاليات التي تقام على مدار العام في مختلف مدن الدولة، تجد السمة الغالبة هي الأسعار المبالغ فيها لدرجة لا تتصور، وغير مقبولة وتصل حد الاستغلال البشع. كنت في إحدى الفعاليات ولاحظت أسعاراً غير مبررة لأشياء بسيطة، أحدهم من خلال عربته المتنقلة يطلب 20 درهماً مقابل كأس «الكرك»، بينما آخر يطلب من السياح الأجانب والزوار مائة درهم مقابل ركوب الجمل في لفة لا تستغرق ثلاث دقائق!!. وعن الأكشاك والخدمات الأخرى الكلام يطول، هذه فقط لأمور بسيطة، فما بالك بالمأكولات؟، واحتياجات رب الأسرة ذات العدد الكبير من الأفراد. عندما تشجع الجهات والدوائر المختصة على إقامة المهرجانات والفعالية، فالهدف الأول منها إثراء الساحة وتحريك الاقتصاد وإيجاد متنفسات ترفيهية وترويجية إضافية للسكان، لا جعلها لفئة معينة أو للمقتدرين فقط، ولا تجعلها أعياداً ومهرجانات لاستغلال الناس. وكل ما كانت هذه الفعاليات في متناول الجميع كان الإقبال عليها كبيراً، وحركة البيع والشراء فيها أكبر، ويسعد بها الجميع ويفرح. ولكن ما يجري في العديد من هذه الفعاليات يجعلها فقط مكاناً للفرجة والتحسر على مناسبات ومهرجانات كانت ستكون أروع وأجمل لو أن المنظمين والمشاركين حرصوا على أن تكون لها رسالة وغاية بعيداً عما يجري حالياً في هذه الفعاليات التي حرصت على ألا أحددها بالاسم، لأن الهدف التصدي لظاهرة عامة ضربت تلك المهرجانات والفعاليات بعد أن خرجت عن الهدف السامي التي تقام لأجله، وتحولت إلى مناسبات لاستغلال يفوق كل تصور باسم «تنمية الموارد».