أبطال فندق العنوان، هؤلاء الرجال الذين تفانوا وما توانوا، وبذلوا وما استبدلوا بغير الصدق والإخلاص، وفي فترة زمنية قياسية استطاع هؤلاء الأبطال أن يثبتوا بكل جدارة أن أبناء الإمارات هم رجال المواقف الصعبة، هم سيوف الوطن للصد والرد، ومنع الأخطار وحماية المنجزات ورعاية المكتسبات، فرجال الشرطة والدفاع المدني والإسعاف والإنقاذ، كانوا خلية واحدة، بسواعد متشابكة، وأكتاف مشتركة، وصدور تزود عن المكان والإنسان ما بدا من خطر. هذه الهبّة البطولية تؤكد أن أبناء الإمارات «قول وفعل»، وأنهم المعدن النفيس الذي لا يوزن بثمن، لأنهم فقط أبناء الإمارات أبناء زايد الخير، طيب الله ثراه، وكلما نرى مثل هذه المواقف، يحضر زايد، ويحضر خليفة، ويحضر محمد بن راشد، ومحمد بن زايد، هؤلاء النبلاء الذين طوقوا الإنسان بأجمل الوجدان، وزينوا الأشجار بأحلى ما غردت به الأغصان، فصار الإنسان في بلادنا غصناً من أغصان الشجرة الواحدة، ورافداً من روافد النهر الواحد، وعضواً من أعضاء العائلة الواحدة، إذاً يجب ألا يدهش أحد لما قام به أبطال فندق العنوان، لأن هذا السلوك سمة المنتمين إلى الوطن والإنسان، وشيمة الذين رسموا على الجبين، تضاريس الإمارات، وعلى القلب صورة القيادة الرشيدة.. لم تندهش أبداً، لأن هؤلاء الرجال من نسل الصحراء، ومن فصل البحر الأغر، هؤلاء من عبق النخلة والغافة الوفية، ومن الجبال الشوامخ، والجذور الرواسخ، هؤلاء يستحقون أن نقول إنهم «وفوا وكفوا»، لأنهم بالفعل كانوا بمستوى الحدث، وجاز لهم أن يكونوا كذلك، لأنهم في ساعة الحقيقة أكدوا أن الفداء من أجل الوطن لا يقتصر على موقع دون سواه، بل إن كل إنسان في موقعه، يتوجب عليه أن يكون حائطاً وسداً منيعاً، يقف في وجه الأخطار بقلب جسور كالأسد الهصور، فلا يخور ولا يبور، ولا يخنع ولا يركع، لأن إرادة الوطن فوق كل شيء، وأغلى من كل شيء. أبطال العنوان كشفوا النقاب للعالم أجمع أن الإمارات أخذت جمالها، وكمالها، من هذا الانسجام وهذا الالتحام بين أفراد المجتمع جميعاً، في وضع الوطن في مقلة العين، ورسمها على الجبين، لأنه اللجين الذي يضيء حياتنا، ولأنه الصرح المكين الذي يحفظ كرامتنا، ولأنه العهد الأمين الذي اتخذناه على نفوسنا، ولأنه البيان والتبيين، وفصلنا وأصلنا، ولأنه مكاننا ومكانتنا، ولا مكان سواه يكمن في القلب والشرايين، لا مكان لغير الوطن في الروح والوجدان، ولذلك كان فندق «العنوان»، عنواناً لابتسامة الأرض، وخفق نبضاتها، عندما تجد الأبناء كالبناء يشد بعضهم بعضاً، من أجل تحقيق الصيانة والرزانة والأمانة.. من أجل الوطن.