الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الرمسة».. جسر تواصل معتمد على اللهجة

«الرمسة».. جسر تواصل معتمد على اللهجة
24 أغسطس 2017 22:00
أحمد النجار (دبي) استقطب المواطنان الشريكان حنان الفردان وعبدالله الكعبي أكثر من 650 طالباً أجنبياً لتعلم اللهجة الإماراتية في معهد «الرمسة»، المشروع الذي قاما بتأسيسه عام 2014، وأصبح اليوم علامة تعليمية متفردة، ورمزاً ثقافياً وتراثياً لتعليم اللغة العربية واللهجة الإماراتية لغير الناطقين بها، وأكدا لـ «الاتحاد» خلال زيارة ميدانية إلى المعهد، أهمية اللهجة المحلية في تعزيز الهوية الوطنية لدى المعلم الإماراتي، الذي يعتز بتدريسها، وخلق حالة من الشغف لدى الأجانب عبر تدريسهم الرمسة لبناء جسور التبادل الحضاري والتواصل الثقافي مع أكثر من 200 جنسية تعيش على أرض الإمارات، مضيفين: «لمسنا أن أغلب المتقدمين لتعلمها يسعون إلى اكتشاف تراث البلد وموروثاته الثقافية وعاداته وتقاليده ليكونوا شواهد على تجارب تعايش وذكريات حياتية بنقلها ونشرها ضمن محيطهم الاجتماعي في بلدانهم». فلسفة خاصة بزيارتنا إلى المعهد في منطقة القوز بدبي، والذي يرفع شعاراً يزين بابه «إذا كنت تعتقد أن التعليم غالٍ، فجرب الجهل»، وهي مقولة لديريك بوك، المدير السابق لجامعة هارفرد الأميركية، ويحمل المركز في تفاصيله فلسفة خاصة تبث السعادة والطاقة الإيجابية ودفء التواصل ضمن أجواء حيوية تجسد خصوصية البيت الإماراتي، ويبرز ذلك في تصميم فصوله وديكورات مرفقاته التي تمثل ثلاث بيئات زراعية وبحرية وصحراوية، وتنثر نفحات تراثية موزعة على جدرانه ومقتنياته وتبرز في أدوات زينته، حيث تعبر عن أقوال وحكم وعادات وأمثال شعبية وصوراً رمزية لتاريخ وثقافة شعب الإمارات، وتم اختيار ثلاثة مسميات لقاعاته الثلاث هي «العرقوب» دلالة على الصحراء، و«السِيف» وهو الشاطئ و«الواحة» المنطقة المزدهرة بالماء والخضرة والحياة. إلى ذلك، قال عبدالله الكعبي إن «فكرة تأسيس المعهد، كانت امتدادا لمشروع إنتاج معجم الرمسة الإماراتية، الذي أثار إعجاب الأجانب من غير الناطقين باللغة العربية، ما دفعنا لتحويل الفكرة إلى منهج تعليمي خاص لتعليم اللهجة بأسس مدروسة ومعتمدة، وترافق إطلاق هذا المنهج مع تأسيس المعهد بما يخدم متطلبات الراغبين بتعلم اللغة الفصحى واللهجة المحلية»، مشيراً إلى أن المعهد اعتمد بشكل كبير على تقرير استمده من توصيات مؤتمر «العربية لغة حياة»، وله قناته الخاصة عبر منصة «يوتيوب»، تواكب أنشطته كمركز ثقافي وتفاعلي لتحقيق أهدافه وانتشاره وتعزيز مكانته واسمه. 9 مستويات حول خدمات المعهد التعليمية وأنشطته الثقافية، قالت حنان الفردان إن المعهد يقدم للطلبة المنتسبين منهج الرمسة يتضمن 9 مستويات تعليمية، تم إعدادها وفق أعلى معايير العالمية على يد خبراء وتربويين مواطنين، مشيرة إلى أن الطالب في المستوى الأول يتعلم التحيات والأرقام وصياغة الأسئلة وتسميات الأماكن، وغيرها، وفي المستوى الثاني، فيتعلم مفاهيم عن الطعام والأفعال ومحادثات تدور داخل الجهات والمؤسسات والبنوك والمطارات وغيرها. ويتعرف في المستوى الثالث إلى سيناريوهات التفاعل في العمل والحوارات في الهاتف وطلب الخدمات والطعام والمعاملات، وفي الرابع يبدأ في التفاعل مع الحياة الاجتماعية والأعراس والعادات والتقاليد وغيرها. انتهاءً بالمستوى التاسع، الذي يختتم به الطالب المنهج ويكون مؤهلاً ليتقن التحدث باللهجة الإماراتية بطريقة جيدة، لينال شهادة معتمدة من هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي. ولفتت الفردان إلى أن المعهد يقدم للطلبة إلى جانب تعليمهم منهج الرمسة، خدمات أخرى تحاكي لمحات من الثقافة الإماراتية مثل بروتوكول الشاي والقهوة في الإمارات، الملابس الإماراتية، الزواج في الإمارات، آداب المجلس، وغيرها من الأمور التي يستطيع المقيم الأجنبي الاستفادة منها في حياته اليومية. إكسبو 2020 أوضح عبدالله وحنان أنهما يعتزمان عقد شراكات مجتمعية مع جهات حكومية وخاصة لافتتاح فروع أخرى في جميع إمارات الدولة، آملين استقطاب أعداد كبيرة لنشر الرمسة والثقافة الإماراتية لمختلف جنسيات العالم، من خلال تعاون الجهات المعنية بالجانب التراثي والثقافي والسياحي على وجه الخصوص، لدعم واستمرار مشروع الرمسة ليكون منبراً تعليمياً وتثقيفياً للجاليات الأجنبية من غير الناطقين بالعربية والمقيمين الزائرين إلى الدولة. وقالا «نعتزم عبر أنشطة المعهد خلال إكسبو 2020، تقديم برامج تدريبية للمتطوعين وتمكينهم من التعامل الأمثل مع مختلف الجنسيات وثقافات الشعوب الزائرة. وسنطلق منهجاً تعليمياً للزائرين والسياح لتمكينهم من الإلمام بشتى النواحي الثقافية للإمارات خلال فترة وجيزة، وإبراز الرموز الثقافية والتراثية في الدولة مثل مكانة الصقور والجمال والخيول والنخيل وتعريفهم بكافة المعالم التاريخية والثقافية المهمة في الإمارات». تجارب دارسين خلال زيارتنا للقاعات التعليمية، رصدنا تجارب بعض الطلاب المنتسبين من جنسيات مختلفة، حيث تمثل الجنسية الألمانية والبريطانية نصيب الأسد من المسجلين، وهما بحسب مؤسسي المعهد أكثر بلدين شغوفين بتعلم اللغة العربية لأهداف ثقافية وحضارية، وأكد الطلاب المتحدثون في حواراتهم أن تسجيلهم في المعهد يهدف لتعلم الرمسة الإماراتية المتداولة في الحياة اليومية والعملية. وقالت رايسه عبيج شابة برازيلية إن دافعها لتعلم الرمسة أسباب ثقافية لمعرفة طبيعة المجتمع الإماراتي وعاداته وتقاليده، مفيدة بأنها بطبعها تحب التعرف إلى ثقافات الشعوب، واكتشاف الجانب الآخر من حياتهم، وتود بناء علاقات وصداقات مع هذا الشعب «الطيب الكريم» على حد وصفها، من دون أن تخفي إعجابها بالإيقاع الصوتي لمفرداتها وسهولة حفظها والتواصل بها، وأظهرت فخرا بحفظها بعض المفردات، فقالت: «مرحبا الساع، وش السالفة، يا ريال، فالك طيب، وقد وجدت انبهاراً من صديقاتي حين أخاطبهن بلهجة إماراتية، وبالأخص الإماراتيين أنفسهم حيث يفاجأون ويتفاعلون معي ثم يشجعونني على إتمام تعلمها». وقالت زهرة شابة إيرانية إن تعلمها اللهجة يهدف إلى دعم تواصلها مع المواطنين الإماراتيين بحكم مجالها العملي الذي يتطلب إتقان اللهجة لتتمكن من مخاطبة عملائها وبناء علاقات مهنية لتطوير نشاطها. وأوضحت أن أكثر ما شجعها على تعلمها هو بساطة اللهجة وتمكن كثير من الجاليات الآسيوية من إتقانها والتخاطب بها والاستفادة منها في مجالاتهم المختلفة. رحلة ممتعة أما الشابة الفرنسية أمل بلحسن، وهي من أصول جزائرية، وتعمل في مجال المجوهرات لدى إحدى العلامات الشهيرة في دبي، فقالت: أطمح إلى إتقان اللهجة الإماراتية لأتمكن من تحسين وضعي المهني. مشيرة إلى أنها لم تجد أي تحد في إتقان بعض الكلمات والجمل القصيرة حيث وصفت رحلة تعلم اللهجة بـ «الممتعة والمفيدة». وأشار طلبة آخرون إلى أن أهم دوافعهم لتعلم اللهجة وحدود الاستفادة من إتقانها بالنسبة إليهم، تهدف في مجملها إلى اكتشاف الثقافة الإماراتية حيث كان أحد الطلاب الأجانب لديه صورة نمطية بأن العائلة الإماراتية مغلقة على نفسها معتقداً بأن اللهجة بوابة للدخول إلى المجتمع والتعرف على طبائع وخصوصيات أفراده. بينما اعتبر طالب أوروبي آخر أن تعلم «الرمسة» فرصة استثمارية وتجارية لتحقيق تواصل وتفاعل مع شركات محلية وجهات حكومية تعزز نجاحاته وتحقق طموحاته. فيما كشف بعض الطلاب عن دوافعهم الخاصة لتعلم «الرمسة» من ضمنها أمور اجتماعية تتعلق بروابط زواج وعلاقات صداقة مع مواطنين، فمنهم أجنبيات متزوجات بمواطنين والعكس، ويهدفون تحقيق الانسجام الأسري والتعامل الاجتماعي وتلقائية العيش والتعايش المشترك. غاية إنسانية وهناك أطباء أجانب يسعون لتعلم اللهجة للتعامل السلس مع المرضى فضلاً عن عدم وجود مترجمين محليين أحياناً، ومنهم الدكتورة الألمانية دليلو طبيبة نساء وولادة، حيث تجاوز عمرها 77 عاماً، ومع ذلك تصر على دراسة اللهجة وتعلمها، على الرغم من أنها غير مقيمة بالدولة لكنها تأتي زائرة كل شهر بحكم عملها في المستشفى الطبي الألماني لتقديم استشارات وتنفيذ عمليات جراحية، وكانت غاية دليلو، إنسانية بامتياز، فهي تتعلم «الرمسة» لتضفي نوعاً من الطمأنينة على المرضى من المواطنات الإماراتيات، وتنتزع الضحكة منهم وتبث روح الدفء والدعابة لتنال بذلك ثقتهن وحبهن أيضاً. أما الكورية سوك يانج شن فقد جاءت لتعلم اللهجة لنيتها فتح شركة مستحضرات تجميل وتسعى بذلك إلى فهم اللهجة التي تتعامل على ضوئها مع المواطنات لبناء الثقة وفهم احتياجاتهن وذوقهن ونمط حياتهن وعاداتهن، وهي نفس القصة لزميلتها الفلبينية نيكي مع بعض الاختلاف، حيث إن نيكي جاءت مبتعثة من قبل شركة أميركية، تعتزم افتتاح شركة تجارية في الإمارات في عام 2018، لهذا تم إيفادها لتعلم اللهجة المحلية لتأهيلها في التواصل لتتمكن من بناء قاعدة علاقات في المستقبل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©