الكثير من الناس، بل حتى أبناء الساحل، وأبناء الصيادين الذين ولدوا اليوم في أزمنة الخير والرخاء في الإمارات، لا يعرفون عن طيور البحر غير الاسم العربي لهذا الطائر، ولا يعرفون التفاصيل الكثيرة عن طائر النورس، هذا المهاجر الجميل الذي يأتي عادة إلى سواحل الإمارات في الشتاء، ويأتي معه الخير الكثير في الأزمنة القديمة التي يعتمد فيها أهل الساحل على الصيد، وعلى وجه الخصوص، صيد العومة والبرية، كما يقول أهل المناطق الشرقية من الإمارات. طائر النورس، جميل وبديع، إنه طائر الفرح والسلام، به تزدان السواحل والمساحات المائية والبحيرات والموانئ، لكن أولادنا الآن لا يعرفون المسميات الكثيرة له، بينما نحن الكبار الذين عاصرنا البحر وتحولات الحياة في الإمارات، حفظنا أسماء هذا الطائر من الذين سبقونا من الصيادين وأهل البحر. الكبيرة تسمى صلال، وهي الطيور كبيرة الحجم، وتنتهي أطراف الأجنحة باللون الأسود، وكذلك الذيل وتسمى (حسنية أو حصينة) وهي الكبيرة أيضاً وكاملة البياض، وعندما يكون الطائر له رأس أسود الريش يسمى (أبو كميمة)، أما النوارس الصغيرة، فإنها عديدة وتسمى حسب توزيع ولون الريش، فالأبيض ذو الأرجل الحمراء الزاهية يسمى (حريش)، وينتهي بألوان سوداء في نهاية ريش الأجنحة، أو الذيل تسمى (ذكير)، والنوارس الصغيرة ذات العيون الزرقاء أو الخضراء تسمى (زطيطي) أو زط، ولعلها نسبة إلى الزطوط، لاختلاف لون عيونها، هذا إلى جانب أنواع أخرى ذات ألوان مختلفة، ونحن في الإمارات، وعلى وجه الخصوص أهل البحر، يحددون النوارس في طائر الحريش، الصر، الغواي، الصلال، وأم صنين، أياً كان اختلاف ألوانها. كان منظراً بديعاً بالأمس وأنا أشاهد الصغار وهم يطعمون النوارس على شاطئ جميرا، خلف منزلي، وتذكرت أزمنة رحلت ونحن نحمل لهذه الطيور الفخاخ والمعاضي، ونردد عبارات بحرية أخذناها من أهلنا عند صيد طيور النورس أو الحريش. «يا الله تجيبه وتحاديبه»، نردد ذلك ونحن نختبئ تحت زورق صيد أو خلف تلال العومة، ومن العبارات اللطيفة التي نقولها كما قالها من سبقونا من أهل البحر، «كيسر.. طلع» تردد كثيراً، وهذه العبارة تقال عندما يبتعد الطائر إلى عمق البحر، ولا يأتي إلى الشاطئ، حيث نصبت له الفخاخ والمعاضي. لا شيء يفرح القلب مثل البحر والنوارس، إنها طيور الحب والفرح.