اصرخ ما تشاء، لكنك لن تعرف الحب حتى تذوق مرارة أن يصدّوك، وأن يكوي حشاشتك القلق. وحتى يراك الناسُ  متمرغاً في العسرات والعثرات تضرب الكفين على رأسك وتنطحُ في جدارٍ لا يُهدّ. ويوماً، عندما تحملُ الوردة وتركضُ   بها حافياً على جسر الفراق، ولا يكترث لمرورك العشّاق لأنك لست منهم، ولا تبتهجُ لمرآك المرايا، عليك أن تقف لتتأمل في زمنك الدائري. ذلك لأنك مجبولٌ على الكسر قبل اشتداد عود وعدك. وقلبك مثقوبٌ بألف وخزة، ونواياك الطيبة مجروحة بمليون خدش. ولن يكفيك أن تهذي باسمها بين الحشود لأن صوتك مجرد همهمات، ولسانك من خشب. والتي تعرفها، أو ظننت أن روحك تولدُ من مجرّد نطقك بحروفها، هي امرأة لا تراك الآن، ولا يجري تحت ممشاها نهر ظلك. خذ الحجر الأخير في صحن جوعك للحب، واقذف به على رأس من وقفوا ضدك. خذ جناح نسرٍ عجوز وطر به نحو الشمس قبل أن يعمَّ على وجودك غروبها. وكي تُدرك الحب، لا بد أن تحفر أولا في جلافة روحك، وأن تفتت في داخلك الصنم الذي يأوي ارتباكك. وأنا سأفعل مثلك تماماً. سأمزق صفحة الذكريات المريضة وأنثر وهمها في نار جديدة، وأفتح كتاب التمنّي وأكتب خطوتي نحو عينيها بدايةُ ألقٍ يدوم. كلانا كلٌ  كاملٌ سأقول لها. وسأفرش درب رجوعها بإيابي. ومن الصحراء حيثُ ولدتُ تحت أمان خيمة، سأغرف رملاً كثيراً يكفي لذرّ الغبار في أنوف الحسّاد ودفنهم في غيّهم. ومن البحر حيث تعلمتُ فن الصعود على سرج موجة، سأرفع رسائل العشق كلها في وجه الريح وأنطلق. ولا يهم بعد ذلك في أي حضنٍ سيكتبُ مستقري ما دمتُ قد فككت الحبل من رقبتي وسفيني. تعال معي، يا ظلي المحبوس في قفص انتظارها. اجلس عن يميني وجدّف باتجاه المرأة التي إذا لامست بإصبعها الماء صار نهراً من قصائد لم يقلها أحد. المرأة التي رقصت لها النار في ترحالنا ولا يزال مكان سطوعها لغزاً في التفاسير. وسوف ترى أننا إن تبعنا سريان مجراها هيهات مفترقان. الحبُّ عافيةٌ للمطمئنين في خدر الرتابة، لكنه عندي جموحُ أجنحةٍ وهيجانُ صوت وتأوّهات بركان. كلما أخمدوه بسعف الصبر عاد لينفح هديره في ثورةٍ ضد كل ضد. وكلما رفعوا عليه العصيّ ليجلدوه، اختفى وهو أمام عيونهم! لأنهم عميان. Adel.Khouzam@alIttihad.ae